التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {كذبت قوم لوط بالنذر 33 إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آل لوط نجيناهم بسحر 34 نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر 35 ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا بالنذر 36 ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر 37 ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر 38 فذوقوا عذابي ونذر 39 ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر 40}

صفحة 6694 - الجزء 9

  وقيل: شَكُّوا فيه «وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ» أي: طالبوا لوطًا أن يخلي بينهم وبين ضيفه، وهم الملائكة النازلون بهم على صورة الغلمان؛ لما يريدونه من الفاحشة، وإنما ذكر الضيف؛ لأنهم أتوا لوطًا على هذه الصفة، إلى أن علم أنهم ملائكة «فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ» قيل: محونا، وقيل: عميت أبصارهم، عن الحسن، وقتادة، وقيل: إنهم دخلوا النذر على لوط، فلما لم يروهم سألوا عنهم، وانصرفوا، عن ابن عباس، وقيل: أزال التخطيط عن وجوههم حتى صارت ممسوحة لا ترى أثر عين، وقيل: مسح جبريل وجوههم، فأعماهم. عن جماعة من المفسرين. «فَذُوقُوا» أي: قيل لهم: ذوقوا «عَذَابِي وَنُذُرِ» أي: تخويفي، وما كنت أوعدكم به، قيل: الملائكة قالت لهم: ذوقوا عذاب الله، وقيل: الله تعالى قال لهم في تلك الحال: ذوقوا، وهو الظاهر، «وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً» أي: نزل بهم صباحًا «عَذَابٌ» وهو الانقلاب والحجارة «مُسْتَقِرٌّ» قيل: استقر بهم العذاب إلى يوم القيامة، عن قتادة، وابن زيد، وقيل: استقر بهم حتى هلكوا «فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ» وقيل: لهم في تلك الحال: ذوقوا.

  ومتى قيل: لِمَ كرر «ذوقوا»؟

  فجوابنا أن الأول قيل عند الطمس، والثاني عند الانقلاب، لما تجدد العذاب تجدد التقريع.

  «وَلَقَدْ يَسَّرْنَا» سهلنا «الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ» متعظ بذلك.

  · الأحكام: تدل الآيات على معجزات للوطٍ، ونعمه عليه وعلى قومه بنجاتهم، وهلاك تلك العصاة العتاة عن قومه.

  وتدل على كيفية عذابهم.