التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولقد جاء آل فرعون النذر 41 كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر 42 أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر 43 أم يقولون نحن جميع منتصر 44 سيهزم الجمع ويولون الدبر 45 بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر 46}

صفحة 6697 - الجزء 9

  وقيل: أراد جميع المواضع التي هزمهم رسول الله ÷، فأخر ذلك يوم الفتح قُتِل مَنْ قُتِلَ، ودخل الباقون في الإسلام.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ قصة فرعون وهلاكه، ونجاة موسى، ترغيبًا وترهيبًا، فقال - سبحانه -: «وَلَقَدْ جَاء آلَ فِرْعَوْنَ» أي: قومه الَّذِينَ اتبعوه في دينه «النُّذُرُ» قيل: الآيات، وقيل: الرسل موسى وهارون @، «كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا» قيل: بالآيات التسع التي جاء بها موسى، وقيل: بجميع الآيات؛ لأن التكذيب ببعضها تكذيب بكلها «فَأَخَذْنَاهُمْ» بالعذاب «أَخْذَ عَزِيزٍ» أي: قادر لا يمتنع عليه شيء مما يريد، وقيل: عزيز؛ أي: قادر لا يخاف ضررًا من أحد، عن أبي علي. «مُقْتَدِرٍ» على جميع ما يشاء.

  ثم خَوَّفَ قومه ÷ أن ينزل بهم مثل ما نزل بأولئك، فقال تعالى: «أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ» هو استفهام والمراد الإنكار، أي: ليس كفار قريش أفضل من هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تقدم ذكرهم لا في القوة، ولا في الثروة، ولا في كثرة العدد والعدة، ولا في الدين؛ لأن الجميع كفار، فأراد بالخير ما يتعلق بأسباب الدنيا لا بأسباب الدين، فإذا هلك أولئك فمن ذا الذي يؤمنكم أن ينزل بكم مثل ما نزل بهم «أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ» أي: براءة من العذاب في الكتب السالفة، عن الضحاك، يعني تؤمنون بتلك البراءة، وهذا أيضًا إنكار أي: ليس لهم ذلك. «أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ» أي: كما ليسوا بخير من أولئك، ولا لهم براءة، كذلك لا جمع لهم يمنعهم عذاب الله وينصرهم، فإن قالوا: نحن جماعة ينصر بعضنا بعضًا حتى لا نرام ولا نقصد بالحرب، ولا يطمع أحد بملتنا، ولا نقصد أحدًا إلا غلبناه، والمعنى: ينتصرون، فحذف لرؤوس الآي، وأراد الجنس. «سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ» يعني