التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الرحمن 1 علم القرآن 2 خلق الإنسان 3 علمه البيان 4 الشمس والقمر بحسبان 5 والنجم والشجر يسجدان 6 والسماء رفعها ووضع الميزان 7 ألا تطغوا في الميزان 8 وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان 9 والأرض وضعها للأنام 10 فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام 11 والحب ذو العصف والريحان 12 فبأي آلاء ربكما تكذبان 13}

صفحة 6712 - الجزء 9

  عن أبي علي.

  وقيل: سجودهما ظلالهما بكرة وعشيًّا، عن مجاهد، وسعيد، ومعناه: أن ظلهما يقتصر للخضوع لله تعالى بما فيه من دلالة الحدث، وإثبات المُحْدِثِ المدبر، وقيل: هو الكوكب، وسجوده: طلوعه، عن مجاهد، وقتادة، وهذا يرجع إلى ما ذكرنا أن طلوعه ونَوْرَهُ وجريانه يدعو إلى السجود «وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا» أي: أمسكها مرتفعة لا على شيء «وَوَضَعَ الْمِيزَانَ» قيل: العدل، عن مجاهد، وقيل: الذي يوزن به ليوصل به إلى الإنصاف والانتصاف، عن الحسن، وقتادة، والضحاك، وأبي علي، وقيل: هو القرآن الذي هو أصل الدين، فكأنه تعالى بين أدلة العقل وأدلة السمع، والأولى قول أبي علي؛ لأنه حقيقة، فكأنه تعالى خلق الخلق وأمر بالعدل وأنزل آلته، وقيل: الميزان البروج، وليس بشيء، ولأنه تعالى قال: «أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ» أي: لئلا تجاوزوا فيه الحق والعدل إلى الباطل والبخس «وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ» أي: بالعدل، معناه: لا تنقصوا إذا وزنتم، قال سفيان بن عيينة: الإقامة باليد والقسط بالقلب. «وَلاَ تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ» أي: لا تنقصوا مما تزنون.

  ومتى قيل: لِمَ كرر ذكر الميزان؟

  قلنا: ليكون كل واحد قائمًا بنفسه تأكيدًا.

  وقيل: لأنه نزل في وقتين، عن أبي علي.

  «وَالْأَرْضَ وَضعَهَا» قيل: خلقها مسكنًا ومتصرفًا، وقيل: بسطها، عن ابن عباس. «لِلْأَنَامِ» قيل: للخلق، عن قتادة، وقيل: للجن والإنس، عن الحسن، وقيل: لكل ذي روح، عن ابن عباس، والشعبي. «فِيهَا» في الأرض «فَاكِهَةٌ» يعني أنواع الفاكهة، قال ابن كيسان: ما يفكههم به من النعم التي لا تحصى، فكل النعم يتفكه بها «وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ» قيل: الأكمام ليف النخلة الذي يكم فيه، عن الحسن، وقيل: الأكمام الطلع الذي فيه ثمرة النخل قبل أن تنفتق، عن ابن زيد، وقيل: ذات الغلف، عن الضحاك. {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصفِ} قيل: هو التبن، عن ابن عباس، وقتادة، والضحاك؛ لأن الريح تعصفه، أي: تطيره، وقيل: هو ورق الزرع، عن مجاهد، قال أبو علي: