التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولمن خاف مقام ربه جنتان 46 فبأي آلاء ربكما تكذبان 47 ذواتا أفنان 48 فبأي آلاء ربكما تكذبان 49 فيهما عينان تجريان 50 فبأي آلاء ربكما تكذبان 51 فيهما من كل فاكهة زوجان 52 فبأي آلاء ربكما تكذبان 53 متكئين على فرش بطائنها من إستبرق وجنى الجنتين دان 54 فبأي آلاء ربكما تكذبان 55 فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان 56 فبأي آلاء ربكما تكذبان 57 كأنهن الياقوت والمرجان 58 فبأي آلاء ربكما تكذبان 59 هل جزاء الإحسان إلا الإحسان 60 فبأي آلاء ربكما تكذبان 61}

صفحة 6729 - الجزء 9

  وقَصَرَ يَقْصُرُ قصرًا فهو قاصر، ومنه: قصر الصلاة، وأصل الباب: القِصَرُ خلاف الطُّولِ.

  والطرف: جفن العين؛ لأنه طرف لها، ينطبق تارة، وشفتح تارة أخرى.

  والطمث: أصله الدم، طَمِثَتِ المرأة: حاضت، وطَمَثَتْ: إذا دميت بالافتضاض، وبعير لم يطمث، أي: لم يمسه حَبْلٌ ولا رجل، قال الفرزدق:

  وَقَعْنَ إِلَيَّ لَمْ يُطْمَثْنَ قَبْلِي ... وَهُنَّ أَصَحُّ مِنْ بَيْضِ النَّعَامِ

  يقال: طمث يطمث بكسر الميم وضمها. لغتان.

  · الإعراب: «مُتَّكِئِينَ» نصب على الحال.

  «فِيهِنَّ» الكناية قيل: تعود على الفرش لتقدم ذكرها، وقيل: إلى الجنان، وصرف الإستبرق؛ لأنه يحسن فيه دخول الألف واللام، تقول: الإستبرق.

  (وَجَنَى) محله رفع على الابتداء، وخبره: «دَانٍ».

  · المعنى: ثم عقب تعالى بالوعد على العادة الجارية في القرآن في الجمع بين الوعد والوعيد ترغيبًا وترهيبًا، فقال - سبحانه -: «وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ» أي: مقامه للجزاء والمحاسبة، وأضاف إليه تعالى: لأنه يقيمه، وقيل: مقام وبه قيامه عليه بالعلم، كقوله: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ}⁣[الرعد: ٣٣]، وقيل: أراد مقام الذل والفضيحة، وقيل: أراد بالمقام ما يذكر من مواقع الأفعال، كقولهم: مقام أبي بكر عظيم في أمر الزهادة، فمقامه تعالى ما يفعله من الثواب والعقاب المستحقين، ولهذا يسمى مواضع الزهاد عند الملوك مقامًا، وعن إبراهيم، ومجاهد: هو الرجل يهم بالمعصية فيذكر الله، فيدعها مخافة الله. «جَنَّتَانِ» هو بستان فيه شجر تَجُنُّهُ، أي: