قوله تعالى: {ولمن خاف مقام ربه جنتان 46 فبأي آلاء ربكما تكذبان 47 ذواتا أفنان 48 فبأي آلاء ربكما تكذبان 49 فيهما عينان تجريان 50 فبأي آلاء ربكما تكذبان 51 فيهما من كل فاكهة زوجان 52 فبأي آلاء ربكما تكذبان 53 متكئين على فرش بطائنها من إستبرق وجنى الجنتين دان 54 فبأي آلاء ربكما تكذبان 55 فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان 56 فبأي آلاء ربكما تكذبان 57 كأنهن الياقوت والمرجان 58 فبأي آلاء ربكما تكذبان 59 هل جزاء الإحسان إلا الإحسان 60 فبأي آلاء ربكما تكذبان 61}
  ظنكم بالظواهر، وقيل: لسعيد بن جبير: ما الظواهر؟ فقال: هذا مما قال الله تعالى: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ}[السجدة: ١٧]، وروي عنه: بطائنها من إستبرق وظواهرها من نور جامد. «وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ» أي: ثمرهما قريبة تنالها أيدي القائم والقاعد، وقيل: يوجد في كل وقت، خلاف ثمار الدنيا، وقيل: أشجارها وإن كانت باسقة، فإنها تدنو ممن يريدها «فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ» بما وعد من هذه النعم أم بغيره «فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ» أي: نسوة غاضة الأعين، قصرن طرفهن على أزواجهن، لا ينظرن إلى غيرهم، قال ابن زيد: تقول لزوجها: وعزة ربي ما أرى في الجنة شيئًا أحسن منك، فالحمد لله الذي جعلك زوجي وجعلني زوجك، وقيل: بلغ من محبتهن لأزواجهن ألَّا ينظرن بطرفهن إلى غيرهم، وهن منزهات عما يشينهن، وقيل: هن المؤمنات يعيدهن الله تعالى، وقيل: هن الحور المنشئات «لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ» قيل: لم يمسسهن بجماع، عن مجاهد، وعكرمة، وابن زيد، من قولهم: بَعِيرٌ لم يطمث، وقيل: لم يذقهن بنكاح، عن ابن عباس. من قولهم: امرأة طامث، كأنه قيل: هن أبكار، لم يفتضهن أحد «إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ» وإنما ذكر الجان؛ لأن للجن أزواجًا من الجن، وسئل ضمرة بن حبيب: هل للجن ثواب؟ فقال: نعم، وقرأ هذه الآية، قال: فالإنسيات للإنس، والجنيات للجن «كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ» قيل: هُنَّ على صفات الياقوت في بياض المرجان، عن الحسن، وقتادة، وقيل: الياقوت في الحسن والصفاء، والمرجان في النور، وهو أشد اللؤلؤ بياضًا، وهو صغاره، عن الحسن، وقيل: أبيض كالمرجان، وأحمر كالياقوت، وروي عن النبي ÷» أن المرأة من أهل الجنة يرى مخ ساقها من وراء سبعين حلة من حرير «، قال ابن مسعود: كما ترى السلك من وراء الياقوت «فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ» بهذه الجواري وصفتهن وخدمتهن، أم بغيرها من النعم «هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ» (هل) يستعمل على أربعة أوجه:
  أولها: بمعنى (قد)، كقوله: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ}[الإنسان: ١].