قوله تعالى: {ثلة من الأولين 13 وقليل من الآخرين 14 على سرر موضونة 15 متكئين عليها متقابلين 16 يطوف عليهم ولدان مخلدون 17 بأكواب وأباريق وكأس من معين 18 لا يصدعون عنها ولا ينزفون 19 وفاكهة مما يتخيرون 20 ولحم طير مما يشتهون 21 وحور عين 22 كأمثال اللؤلؤ المكنون 23 جزاء بما كانوا يعملون 24 لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما 25 إلا قيلا سلاما سلاما 26}
  تقدم؛ ليتشاكل الكلام، من غير إخلال بالمعنى، تقديره: «وحورٍ عينٍ»، فأتبعه لأجل اللفظ، وإن اختلفا في المعنى؛ لأن الحور لا يطاف بهن، كقول الشاعر:
  إِذَا مَا الْغَانِيَاتُ بَرَزْنَ يَوْمًا ... وزَجَّجْنَ الْحَواجب والْعُيُونَا
  تقديره: وكَحَلَّن العيون، فرده على «زَجَّجْنَ» للعطف، وقال آخر:
  وَرأَيتِ زَوْجَكِ في الوغَى ... مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحَا
  ونظائره يكثر، قال الله - سبحانه -: {يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ ...}[الشورى: ٩].
  وأما النصب فعلى تقدير: يعطون حورًا عينا، أو يزوجن حورًا.
  أما الرفع، على العطف على {وِلْدَانٌ} تقديره: ويطوف حور عين، وقيل: إنه صفة، أي لهم حور عين، عن الأخفش، وقيل: هو ابتداء، وخبره فيما بعده.
  · اللغة: الثُّلَّةُ: الجماعة من الناس، وأصله القطع، قال الزجاج: الثَّلُّ القطع، والثلة: الفرقة، ومنه: الثلة من الناس القطعة، ومنه: الثَّلَل: الهلاك، كأنه قطع بإهلاكه، ومنه: ثُلَّ عَرْشُهُ: إذا قطع ملكه بهدم سريره، والثَّلَّةُ بفتح الثاء: الجماعة من الغنم، كأنها قطعت عن الباقين، والجمع ثِلَلٌ، نحو: بَدْرَةٍ وبِدَرٍ، وثللت البيت: هدمته، وأثللته: أمرت بإصلاحه.
  والوَضْنُ: نسج السرير وأشباهه، فهو موضون، والسرر الموضونة: المنسوجة بالدر، كما تُوضَنُ حِلَقُ الدرع، وكل شيء وضعت بعضه على بعض فهو موضون، وفي حديث ابن عمر:
  إِلَيْكَ تَعْدُو قَلقًا وضِينُها