قوله تعالى: {وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين 27 في سدر مخضود 28 وطلح منضود 29 وظل ممدود 30 وماء مسكوب 31 وفاكهة كثيرة 32 لا مقطوعة ولا ممنوعة 33 وفرش مرفوعة 34 إنا أنشأناهن إنشاء 35 فجعلناهن أبكارا 36 عربا أترابا 37 لأصحاب اليمين 38 ثلة من الأولين 39 وثلة من الآخرين 40}
  ابن عباس، وقتادة، ومجاهد، والضحاك، واختلفوا في هَؤُلَاءِ على قولين: فقيل: نساء أهل الدنيا أنشأهن الله بالإعادة بعد الفناء، وروي في خبر مرفوع: «كن عجائز رمصًا عمشًا جمعهن الله أبكارًا أترًابا على ميلاد واحد»، وعن النبي ÷: «يدخل أهل الجنة الجنة جردًا مردًا مكحلين، أبناء ثلاث وثلاثين، على خلق آدم، طوله ستون ذراعًا في سبعة أذرع».
  وعن ابن مسعود: (إذا دخل الجنة نساء الدنيا فضلن على الحور العين بصلاتهن في الدنيا)، وقيل: هن الحور العين لأهل اليمين، أي: أنشأهن لهم، أو كل ذلك معد لهم «ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ. وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ» قيل: ثلة جماعة من الأمم الماضية، وجماعة من أمة محمد ÷، عن ابن عباس، والحسن، وأبي علي، وجماعة، وفي خبر مرفوع: «إني لأرجو أن تكون أمتى شطر أهل الجنة»، ثم تلا: «ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ. وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ» قال الحسن: سابق من مضى أكثر من سابقنا؛ لذلك قال: «وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ» وفي التابعين «وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ»، وقيل: «ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ» من سابقي هذه الأمة، وَثُلَّةٌ من آخر هذه الأمة، عن أبي العالية، ومجاهد، وعطاء، والضحاك، وعن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في هذه الآية قال: قال رسول الله ÷: «هما جميعًا من أمتي».
  · الأحكام: تدل الآيات على صفة ما أعد الله لأصحاب اليمين، ولا شبهة أن درجتهم دون درجة السابقين.
  وتدل على عظيم منزلة القرآن في الإعجاز، وبلوغه في الفصاحة مبلغا عجز عن مثله البشر؛ لأن من تأمل هذه الآيات علم أنه ليس في مقدور أحد مثله.
  وتدل على دوام الجنة، فيبطل قول جهم، وتدل على أنها لم تخلق بعد؛ إذ لو كانت مخلوقة وقد ثبت أن الموجودات كلها تفنى لانقطعت، وذلك بخلاف الآية، وقد قال تعالى: {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا}[الرعد: ٣٥].