التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال 41 في سموم وحميم 42 وظل من يحموم 43 لا بارد ولا كريم 44 إنهم كانوا قبل ذلك مترفين 45 وكانوا يصرون على الحنث العظيم 46 وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون 47 أوآباؤنا الأولون 48 قل إن الأولين والآخرين 49 لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم 50 ثم إنكم أيها الضالون المكذبون 51 لآكلون من شجر من زقوم 52 فمالئون منها البطون 53 فشاربون عليه من الحميم 54 فشاربون شرب الهيم 55 هذا نزلهم يوم الدين 56}

صفحة 6755 - الجزء 9

  أَصْحَابُ الشِّمَالِ» قيل: من يأخذ كتابه بشماله، وقيل: الَّذِينَ يؤخذ بهم طريق الشمال إلى النار، وقيل: هم الَّذِينَ تلزمهم حال الشؤم والنكد، وكل ذلك هو من أوصافهم، فيحمل على الجميع «فِي سَمُومٍ» ريح حارة، وهي سموم جهنم، وقيل: حر النار، وما يصيبهم من لهبها، عن أبي علي. «وَحَمِيمٍ» ماء حار «وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ» قيل: دخان شديد السواد، عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وابن زيد، وقيل: اليحموم جبل في جهنم، يستغيث أهل النار إلى ظله، عن ابن زيد، وقيل: اليحموم اسم جهنم، عن الأصم، وقيل: النار سوداء، وأهلها سود، وكل شيء فيها أسود، عن الضحاك. «لاَ بَارِدٍ» يستراح إليه، بل هو حار؛ لأنه دخان جهنم «وَلَا كَرِيمٍ» فيشتهى مثله، وقيل: ولا عذب، عن الضحاك، قيل: ولا حسن، عن سعيد بن المسيب، وقيل: ولا طيب، عن مقاتل، وقيل: لا بارد المنزل، ولا كريم المنظر، عن قتادة. «إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ» يعني في الدنيا «مُتْرَفِينَ» قيل: منعمين، عن ابن عباس، وقيل: هو المتنعم في خلاف ما أحل الله له، أي: ما كان قصدهم الحلال، لكن التمتع، فلا يبالون من أي وجه حصل من الظلم والحرام، وإنما يخص تنعم من لا يفكر في العواقب، عن مجاهد، وقتادة، وقيل: على الشرك، عن الحسن، والضحاك، وابن زيد، وقيل: إصرارهم على الحنث، إنهم كانوا يقسمون بِاللَّهِ جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت، وأن الأصنام أنداد لله، عن الأصم.

  «وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا» بعد الموت «أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ» أحياء، قالوه على وجه التعجب والإنكار «أَوَآبَاؤُنَا الأَوَّلُونَ» لأنهم صاروا رميمًا «قُلْ» يا محمد جوابًا لهم «إِنَّ الْأَوَّلِينَ» الَّذِينَ ماتوا في أول الدهر «وَالْآخِرِينَ» الَّذِينَ ماتوا في آخر الدهر، عن أبي علي، وأراد جميع الخلق «لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ» وهو يوم القيامة، والميقات: مصير الوقت «ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ» عن الدين «الْمُكَذِّبُونَ»