التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {سبح لله ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم 1 له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير 2 هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم 3 هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير 4 له ملك السماوات والأرض وإلى الله ترجع الأمور 5 يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وهو عليم بذات الصدور 6}

صفحة 6774 - الجزء 9

  · اللغة: التسبيح: التنزيه، وهو البراءة من السوء، والتسبيح قد يكون بالقول، ويكون بدلالة الصنع، على أن له صانعًا، يجب أن ينزه.

  والحياة والموت: عَرَضَانِ لا يقدر عليهما غيره تعالى، والحياة تصيير الأجزاء في حكم الشيء الواحد، فيكون قادرًا واحدًا، عالمًا واحدًا، فاعلاً واحدًا.

  والأول: السابق المنفرد الذي لا شريك له غيره.

  والآخِر: من تأخر عن غيره.

  والولوج: الدخول، وَلجَ يَلِجُ: إذا دخل، وأولج: أدخل، والولج: ما دَخَلْتَ فيه من كهف أو شِعْبٍ.

  والعروج: الصعود، يقال: عرج يَعْرُجُ بضم الراء، نحو: نَصَرَ ينصُر، عُرُوجًا:

  إذا صعد، والمعاوج: الدَّرْج، وعَرِجَ بكسر الراء يَعْرَجُ بفتحها: إذا صار أعرج.

  · المعنى: «سَبَّحَ لِلَّهِ» نزهه وأثنى عليه بما هو أهله، وأبرأه من كل سوء «مَا في السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ» أما الملائكة والمؤمنون، فيسبحونه قولا واعتقادًا، وأما ما لا يعقل فتسبيحه على وجهين.

  أحدهما: بما فيه من الدلالة علي تنزيهه.

  والثاني: دلالة انقياده له، فيصرفه كيف شاء هو.

  «وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» أي: القادر الذي لا يمتنع عليه شيء، ومع ذلك حكيم: محكم لأفعاله، لا يفعل إلا الحسن، وقيل: الحكيم العليم بكل شيء، لا يفعل إلا الخير والحسن «لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ» قيل: له. اختراعهما وتصريفهما كما يشاء، وقيل: له خزائنهما من مطر ونبات ورزق، وإحياء وإماتة، وإيجاد وإعادة