قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين 208}
  وتدل على التحذير من الشيطان لعداوته.
  ومتى قيل: مع ضعفه كيف يضر المؤمنين؟
  قلنا: هو قوي في الإضرار بالوسوسة والإضلال عن الدين، ولأنه لشدة عداوته يكبر ضرره بالوسوسة، وبإلقاء الشبه إلى علماء السوء.
  ومتى قيل: لم لا يمنعه اللَّه عن ذلك؟
  قيل: اختلفوا، قال أبو هاشم: لأنه زيادة تكليف يستحق به زيادة ثواب، فهو كزيادة الشهوة. ولإضلاله تأثير، وقال أبو علي: لا يَفْسُدُ به شيء، والأول الوجه.
  ومتى قيل: ما الطريق إلى دفع شره؟
  قلنا: النظر في الأدلة، ودفع الشبه، واجتناب البدع والضلالات؛ ليحصل على سواء الطريق، ثم يقهر النفس بالمنع عن الشهوات، وإقامة الطاعات واجتناب الكبائر.
  ومتى قيل: كيف اجتمعت الجن على عداوة الإنس من غير ذنب من جهتهم؟
  قلنا: عداوة من كفار الجن دون مؤمنيهم، والكفار أعداء المؤمنين من الإنس كانوا أم من الجن، وقيل: العداوة متوارثة من غير سبب، وأي سبب كان لامتناع إبليس عن سجوده لآدم؟!.
  وتدل الآية على فساد القول بالجبر؛ لأنه تعالى حذر من اتباع الشيطان، ولو كان الضلال من خلقه والوسوسة من فعله لكان التحذير منه أولى، ولأنه إذا خلق الإيمان لا تضر وسوسة الشيطان، وإذا خلق الكفر لا ينفع شيء، فأي تأثير لوسوسته حتى يحذر منه، ولأن عندهم ليس إلى إبليس شيء، ولا إلى الجن، ولا إلى الإنس بل جميع ما يحدث خلقه، فكيف حذر من الشيطان؟ تعالى اللَّه عما يقولون علوًّا كبيرًا.