قوله تعالى: {آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير 7 وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين 8 هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور وإن الله بكم لرءوف رحيم 9 وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والأرض لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير 10}
  القاضي؛ لأنه المفهوم عند الإطلاق، وأكثر المفسرين عليه. وقيل: فتح الحديبية، عن عامر الشعبي، قيل: يا رسول الله، أفتحٌ هو؟ قال: «نعم عظيم»، وقد بَيَّنَّا ذلك. «وَقَاتَلَ» الكفار تحت راية رسول الله ÷ «أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ» أي: من بعد الفتح «وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى» قيل: الجنة، عن أبي علي. وقيل: الخلف، وقيل: الجزاء «وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ» أي: عالم فيجازيكم بها.
  · الأحكام: يدل قوله: {مُسْتَخْلَفِينَ} على أن هذه الأموال كانت لقوم، ثم صارت لغيرهم، فنبه على فناء الدنيا، وأن الأملاك تنتقل.
  ويدل قوله: {آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} عَلَى حدث القرآن حيث وصفه بالإنزال، وأنه دلالة، وأنه مستقل بنفسه.
  ويدل قوله: {لِيُخْرِجَكُمْ} أنَّه أراد بإنزال القرآن الإيمان به؛ لأن قوله:
  {لِيُخْرِجَكُمْ} أي: لكي يخرجكم، ولام «كي» تدل على الإرادة.
  ويدل قوله: {لَا يَسْتَوِي} على فضل الإيمان والنفقة قبل الفتح؛ لأن ثَمَّ الدواعي أقل، وبعد الفتح انتشر الإسلام، واختلف الدواعي؛ ولأن المشقة كانت قبل الفتح أكثر، ولأنه كان لا يفعل إلا لله تعالى.
  ومتى قيل: أيدل هذا على أنه أعظم في الدرجة في جميع الأحوال؟
  قلنا: لا، بل يدل على أن لهذا العمل مزية ومرتبة ليس لغيره، ولفاعله رتبة إذا لم يحبطه؛ ولذلك صح في كثير منهم أنهم أحبطوا ذلك.
  وتدل على فضل المهاجرين والأنصار.
  ويدل: {وَكُلًّا} أنه تعالى يثيب الجميع بحسب عمله.
  وتدل على أن الإنفاق والإيمان والقتال فِعْلُهُمْ حتى استحقوا الثواب.