قوله تعالى: {سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم 21 ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير 22 لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور 23 الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد 24 لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز 25}
  طلب الجنة، فقال - سبحانه -: «سَابِقُوا» أي: بادروا «إِلَى مَغْفِرَةٍ» أي: الأعمال الموجبة للمغفرة من الإيمان والطاعات، وقيل: إلى التوبة، وقيل: إلى التكبيرة الأولى «وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» إن وصل بعضها ببعض.
  ومتى قيل: لم ذكر العرض دون الطول؟
  قلنا: لوجوه:
  منها: أن عظم العرض يدل على عظم الطول، وعظم الطول لا يدل على عظم العرض.
  ومنها: أنه قد يكون طولاً لا عرض له ولا يكون عرض لا طول له، وقيل:
  العرض مثل السماوات والأرض، فأما الطول فالله أعلم به.
  واختلفوا في هذه الجنة:
  قيل: جنة الخلد، ولم تخلق بعد؛ لأنها لو خلقت لما صح فيها هذا الوصف، ومعنى «أُعِدَّتْ» ستعد، ماض يراد به الاستقبال كقوله: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ}[الأعراف: ٤٤] يدل عليه: {أُكُلُهَا دَائِمٌ}[الرعد: ٥٣] ولو كانت مخلوقة لفنيت، عن أبي علي، وأبي هاشم. وقيل: بل مخلوقة يفنيها، ثم يعيدها الله تعالى يوم القيامة ويزيد فيها طولاً وعرضًا، عن الحسن. وقيل: أراد جنة واحدة من الجنان أُعِدَّتْ، عن ابن كيسان.
  «أُعِدَّتْ» هُيِّئَتْ «لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ» أي: يعطيه من يشاء.
  ومتى قيل: إذا كانت مستحقة فَلِمَ سماه تفضلاً.؟ ولمَ علقه بالمشيئة؟
  قلنا: فيه وجوه: