التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون 26 ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون 27 ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم 28 لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم 29}

صفحة 6802 - الجزء 9

  الرهبانية: الخصلة من العبادة التي يظهرونها مع الرهبة، ومنه: الرهبان، وقيل:

  إنه جمع، وقيل: واحد، وجمعه: رهابين ورهبانية، ومنه الحديث: «لا رهبانية في الإسلام» كالخصي ونحوها مما ابتدعه الكفار، وأصل الباب: الرهبة، وهو الخوف.

  والابتداع: إحداث الشيء ابتداءً، وهو مذموم في الدين، ومنه المبتدعة، الَّذِينَ أحدثوا في الإسلام مذاهب تخالف التوحيد والعدل؛ كالتشبيه والجبر والخارجية والرفض.

  والكِفْلُ: النصيب، ومنه: {لَهُ كِفْلٌ مِنهَا}⁣[النساء: ٨٥] أي: نصيب.

  · الإعراب: {مُهْتَدٍ} رفع؛ إلا أنه من بنات الياء، فلا يستبين فيه الرفع كقولنا: قاضٍ.

  {لِئَلَّا يَعْلَمَ} قيل: ليعلم، {أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ} رفع، على [تقدير]: أنهم لا «يقدرون»، فلما أضمر الهاء رفع.

  · النزول: قيل: فخر مؤمنو أهل الكتاب على قوم من الصحابة، وقيل: بل قوم من اليمن آمنوا فوعدوا الأجر مرتين، ففخروا على الصحابة بأن لنا أجرين، ولكم أجرًا، فنزل في ذلك قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٢٨ لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ٢٩}.

  وعن قتادة: حسد أهل الكتاب المسلمين، فنزل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}.