قوله تعالى: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور 210}
  الأول: تأتيهم دلائل آياته، فجعل مجيء الآيات مجيئًا له على التفخيم لشأن الآيات، كما يقال: جاء الملك، إذا جاء جيش عظيم من جهته.
  الثاني: إلا أن يأتيهم أمر اللَّه، كقوله في موضع آخر: {إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ} وهما في المعنى واحد؛ لأن أمره دلائل آياته، ويُقال:
  ضرب الأمير فلانًا وقتله وأعطاه، وإنما أمر بذلك، ولم يَتَوَلَّهُ بنفسه، فأضيف إليه لأمره به.
  الثالث: قيل: (في) بمعنى الباء وحروف الصفات يبدل بعضها بعضًا، وذلك ظاهر، وتقديره: هل ينظرون إلا أن يأتيهم اللَّه بظلل من الغمام والملائكة، والمراد العذاب الذي يأتيهم في الغمام مع الملائكة.
  «فِي ظُلَلٍ» قيل: سترة من الغمام، عن الحسن، وقيل: قطع من السحاب، عن الضحاك.
  ومتى قيل: ما فائدة «ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ» مع العذاب؟
  قلنا: جلائل آياته تأتي في غمام فيكون أهول، وقيل: يأتي بأهوال، فشبه ذلك بظلل من الغمام كقوله: {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ}.
  «وَقُضِيَ الْأَمْرُ» قيل: وجب العذاب، وقيل: فرغ من الحساب وأمور القيامة، وقيل: جرى أموره على سننه «وَإلَى اللَّه تُرْجَعُ الأمُورُ» يعني كانت الأمور كلها له مَلَّكَ عبادهَ أشياء زالت جميعها في الحشر، كأنه رجع الجميع، وقيل: يرجع إليه بأن يكون هو الحاكم والمدبر لا حكم لأحد كما تقول لغيرك: رددت هذا الأمر إليك لتدبره، وإن لم يكن ابتداء منه، وقيل: يرجع الأمر إلى مراده، فلا يكون كفر ولا معصية، «الأمُورُ»: يعني أمور الدنيا والآخرة، فيحاسب عباده على أعمالهم، ثم يجازيهم عليها.