قوله تعالى: {يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على كل شيء شهيد 6 ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم 7 ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصيت الرسول وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير 8 ياأيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصيت الرسول وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا الله الذي إليه تحشرون 9 إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون 10}
  · النزول: قال ابن عباس في قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى}: إنها نزلت في اليهود والمنافقين، وكانوا يتناجون بين المؤمنين، وينظرون إلى المؤمنين ويتغامزون بأعينهم، فيظن المؤمنون أنه بلغهم عن أقربائهم وإخوانهم الَّذِينَ خرجوا في السرايا قَتْلٌ أو موت أو مصيبة أو هزيمة، فيحزنون بذلك، فلما طال ذلك شكوا إلى رسول الله ÷، فنهاهم عن النجوى دون المسلمين فلم ينتهوا، فنزلت الآية.
  وقال مقاتل بن سليمان: نزلت في اليهود، وكان بينهم وبين النبي ÷ موادعة، فإذا مر بهم رجل من أصحابهم جلسوا يتناجون، فيظن المؤمن أنهم يتناجون بقتله أو بما يكره، فيترك الطريق عليهم مخافة، وبلغ ذلك رسول الله ÷، فنهاهم عن ذلك فلم ينتهوا، فنزلت الآية.
  قال ابن زيد: كان الرجل يأتي رسول الله ÷ فيسأله الحاجة، فيرى الناس أنه قد ناجى رسول الله ÷، وكان لا يمنعهم، والأرض يومئذ حرب على أهل هذا الباب، فكان إبليس يأتي القوم ويقول: إنما يتناجون في حرب قد حضّرت، أو جمع جمع لكم، أو أمر وقع، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
  وقال أبو علي: كان اليهود لا يتناجون إلا في مساءة المسلمين والرسول، فنهوا عن ذلك.
  وأما قوله: {وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ} قيل: نزلت في اليهود لما قالوا: السَّامُ عليكم، فقطبت عائشة وجهها وقالت: عليكم السام والذَّامُ، والذام: اللعنة، فقال رسول الله ÷: «يا عائشة، إن الله تعالى يحب الرفق، ولا يحب الفحش والتفحش»، فقالت: ألم تسمع ما قالوا؟ قال: «ألم تسمعي ما رددت عليهم»، فنزلت فيهم هذه الآية، فقال ÷: «إذا سلم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم».