التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير 11 ياأيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم 12 أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون 13}

صفحة 6826 - الجزء 9

  ألستم تقولون: إنه يَعْدِلُ، ما عَدَلَ على هَؤُلَاءِ حيث أقامهم، فأنزل الله تعالى هذه الآية، عن مقاتل.

  وقيل: نزلت في ثابت بن قيس بن شماس، وكان في أذنه ثقل، وكانوا يفسحون له حتى يقرب من النبي ÷، فضايقه بعضهم، وجرى بينهما كلام، وقد ذكرنا قصته في سورة الحجرات، عن الكلبي.

  وقيل: نزلت في مجلس الحرب، عن أبي العالية، والحسن، والقرظي. وكانوا يتشاحون على الصف الأول حرصًا على الجهاد، ويقول بعضهم لبعض: توسعوا، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

  فأما قوله: {وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا}:

  قيل: نزلت في المجلس.

  وقيل: في الجهاد.

  وقيل: في الصلاة، وكان قوم يتثاقل عنها إذا نودي، عن الضحاك.

  فأما قوله: {إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ}:

  قيل: سألوا رسول الله ÷ فأكثروا، فشق عليه، فَأُمِرُوا بتقديم صدقة، عن ابن عباس.

  وقيل: نزلت في الأغنياء كانوا يناجون النبي ÷، ويغلبون الفقراء، ويكثرون الجلوس، فكره رسول الله ÷ ذلك، فأمروا بتقديم صدقة قبل المناجاة، فانتهوا عن مناجاته، وشق ذلك عليهم، فنزلت الرخصة، عن مقاتل.

  قال قتادة: لما نهوا عن مناجاته حتى يتصدقوا، لم يناجه إلا علي بن أبي طالب #، قدم دينارًا فتصدق به، ثم نزلت الرخصة.

  وعن علي: إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي: {إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ} الآية، ثم نسخت.

  وعن ابن عمر: كان لعلي ثلاث لو كانت لي واحدة منها كانت أحب إليّ من حُمْرِ النَّعم: تزويجه فاطمة، وإعطاؤه الراية يوم خيبر، وآية النجوى.