قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون 14 أعد الله لهم عذابا شديدا إنهم ساء ما كانوا يعملون 15 اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله فلهم عذاب مهين 16 لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون 17 يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون 18 استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون 19}
  الدنيا أنهم على شيء فكشف الله سرهم، عن أبي علي. وقيل: يحسبون في الآخرة، عن الحسن، والأصم. «أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ» في أيمانهم وأقوالهم في الدنيا «اسْتَحْوَذَ عَلَيهِمُ الشيطَانُ» أي: غلب واستولى حتى تبعوه وتركوا أمر الله ورسوله، وما دل عليه العقل والشرع، والقياس أن يقال: استحاذ؛ لأنه «استفعل»، نحو: استغاث واستقال، قلبت الواو ألفًا إلا أن هذا الحرف مفارق لأخواتها، فأخرجوا الواو كما قالوا: حيوه، «فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ» قيل: عرضهم لترك ذكر الله فتركوا، ولذلك ذمهم عليه، وقيل شغلهم بوسوسته حتى نسوا ذكر اللَّه، نسب النسيان إليه من حيث سبب إلى ذلك «أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيطَانِ» يعني قرناءه وأتباعه «أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ» قيل: خسروا رضوان الله ورحمته، عن أبي علي. وقيل: خسروا أنفسهم حيث أوبقوها.
  · الأحكام: الآية تدل على المنع من موالاة الكفار والظَّلَمَةِ.
  وتدل على عظيم حال اليمين الكاذبة.
  ويدل قوله: {اسْتَحْوَذَ} أن أفعال العباد حادثة من جهتهم وليست بمخلوقة لله - تعالى، وكيف يكون الشيطان مستحوذًا واللَّه خالق ذلك الاستيلاء، ولأنه جعل الخلق صنفين: حزب الله وحزب الشيطان، وهو الخالق لما يظهر من الفريقين، فكيف يصح ذلك؟
  وتدل على معجزة لنبينا ÷، حيث أخبر عن أسرارهم التي لا يطلع عليها إلا الله، فلم يُعْلم ذلك إلا بوحي.