التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين 20 كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز 21 لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون 22}

صفحة 6835 - الجزء 9

  والموادّة: الموالاة بالنصرة والمحبة.

  والأَيْدُ: القوة، وأيّده: قوّاه، ومنه: {ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ}⁣[ص: ١٧].

  · الإعراب: (آبَاءَهُمْ، وأَبْنَاءَهُمْ، وإِخْوَانَهُمْ، وعَشِيرَتَهُمْ) نصب كلها على خبر (كان)، والأسماء مضمرة في الواو في قوله: (كانوا).

  · النزول: قيل: نزل قوله: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ} في قصة جرت بين عبد الله بن أُبيٍّ وبين المؤمنين، وذلك أنهم قالوا: إن فتح الله لنا مكة وخيبر وما حولها ونرجو أن يظفرنا الله على فارس والروم، فقال عبد الله بن أُبيٍّ: أتظنون فارس والروم كبعض القرى التي غلبتم عليها، لهم أكثر عددًا، وأشد بطشا من ذلك، فأنزل الله تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي}.

  فأما قوله: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} الآية، قيل: نزلت في حاطب بن أبي بلتعة حين كتب إلى أهل مكة ينذرهم بمجيء رسول الله ÷ على حريمهم، وأعلم الله تعالى نبيه ÷، فقال ابنه: أبق فضلة من شرابك أَسقِها أبي لعل الله يطهر قلبه، فأتى بها أباه فقال: ما هذا؟ قال: بقية شراب رسول الله ÷، جئتك بها لتشربها لعل الله يطهر قلبك، فقال: هلا جئتني ببول أمك، فرجع إلى النبي، ÷ وقال: ائذن لي في قتله، فقال: «بل ترفق به»، عن السدي.