قوله تعالى: {إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين 20 كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز 21 لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون 22}
  وقيل: نزلت في أبي بكر وأبيه أبي قحافة، فإن أبا قحافة سَبَّ رسول الله ÷، فصكه أبو بكر صكة سقط منها، ثم ذكر ذلك للنبي ÷، وقال: لو كان معي سيف لقتلته، وفيه نزلت الآية، عن ابن جريج.
  وقيل: نزلت في جماعة من الصحابة {وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ} يعني أبا عبيدة بن الجراح قتل أباه يوم أحد، {أَوْ أَبْنَاءَهُمْ} يعني أبا بكر دعا ابنه إلى البراز يوم بدر، فنهاه رسول الله ÷، وقال: «أما تعلم أنك عندي بمنزلة سمعي وبصري»، {أَوْ إِخْوَانَهُمْ} مصعب بن عمير قتل أخاه عبيد بن عمير يوم أحد، {أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} عمر قتل خاله العاص بن هشام بن المغيرة يوم بدر.
  · المعنى: لما تقدم ذكر حزب الشيطان وبَيَّنَ حالهم، عقبه بذكر حزب الله وأن الغلبة لهم، فقال - سبحانه -: «إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» قيل: يشاقون، عن مجاهد. أي: يخالفونه وكانوا من حزب الشيطان وهم المنافقون «أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلّينَ» في الجملة المتناهين في الذل والخزي، فهم أذل خلق الله «كتَبَ اللَّهُ» قيل: قضى ووعد، وقيل: كتب في اللوح المحفوظ وما كتب ووعد لا بد من كونه كما أخبر، قال قتادة: إن الله كتب كتابًا فأمضاه. «لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ» قادر، أي: قادر على نصر أوليائه، «عَزِيزٌ» في الانتقام من أعدائه، لا يمتنع عليه شيء من ذلك «لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ» أي: يوالون «مَنْ حَادَّ اللَّهَ» أي: خالفه وخالف رسوله، قيل: لا تجتمع موالاة الكفار مع الإيمان، وإنما أراد الموالاة في الدين فقط، لا يوالي المؤمن في الدين كافرًا، وقيل: موالاته تحبط إيمانه فلا يجتمع معه، و «لاَ تَجِدُ» نفي وليس بنهي «وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ» أي: وإن قربت قراباتهم منه، فلا يوالونهم إذا خالفوهم في الدين.