التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين 20 كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز 21 لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون 22}

صفحة 6837 - الجزء 9

  ومتى قيل: أيجوز معاشرتهم؟

  قلنا: نعم، المراد بالآية ما ذكرنا.

  «أُوْلَئِكَ كتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ» قيل: جعل بحكمه كأنه مكتوب فيه، وتقديره:

  حكم لهم بالإيمان، وقيل: كتب بأن جعل لهم سمة تدل من عاينها أنهم من أهل الإيمان، وقيل: ثبته في قلوبهم بلطفه، عن الحسن. وقيل: كتب للملائكة في اللوح المحفوظ أن قلوبهم بصفة الإخلاص «وَأَيَّدَهُمْ» قواهم «بِرُوحٍ مِنْهُ» قيل: بنصر منه، عن الحسن. وقيل: بالإيمان، عن السدي. وقيل: بالقرآن، عن الربيع. وقيل: بنور وهدى وبرهان، عن ابن جرير. وقيل: برحمة، وقيل: بجبريل في كثير من المواطن «وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ¤» لما أطاعوه وعبدوه «وَرَضُوا عَنْهُ» بما أتاهم به «أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ» قيل: جنده، وقيل: حزب الله الجَمْعُ الَّذِينَ اصطفى الله، عن الزجاج. وقيل: أتباع أوامره «أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» الظافرون بالمطالب.

  · الأحكام: يدل قوله: {كَتَبَ اللَّهُ} أن الغلبة للمؤمن، وقد يكون ذلك بالحجة وبالقهر وبالثواب.

  ويدل قوله: {لَا تَجِدُ قَوْمًا} أن صفة المؤمن ألَّا يوالي أعداء الله.

  وتدل أن شفاعة الرسول ÷ لا تكون للفساق؛ لأنهم أعداء الله، وفي الشفاعة لهم موالاة لهم.