قوله تعالى: {وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون 14}
  الياء، والواو ساكنة فحذفت. لاجتماعها، و (إلى) قيل: بمعنى (مع)، كقوله تعالى: {مَن أَنصارِي إِلَى اللَّه} أي مع اللَّه تعالى، وقيل: الذَّوْدُ إِلَى الذَّوْدِ إِبِلٌ، عن النضر بن شميل، وقيل: هو بمعنى الغاية، يعني إذا انصرفوا من لقاء المؤمنين إلى شياطينهم، ويقال: خلوت به يحتمل معنيين هزئت به وسخرت، وانفردت به، فأما خلوت إليه فلا يحتمل إلا أنك جعلته غايتك في حاجتك، فلهذا قال: {خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ}.
  والأصل في «إنا»: إننا، حذفت النون استثقالاً للتضعيف، والمحذوف هو النون الثانية؛ لأنها هي التي حذفت في {وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} وقد جاء على الأصل في قوله: {إِنَّنِى مَعَكُمَا}.
  · النزول: قال ابن عباس: نزلت الآية في عبد اللَّه بن أبي الخزرجي من رهط سعد بن عبادة، كان إذا لقي سعدًا قال: نِعْمَ الدينُ دينُ محمدٍ، فإذا رجع إلى قومه قال: شدوا أيديكم في دين آبائكم، رواه جويبر عن الضحاك عنه، وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن عبد اللَّه بن أبي وأصحابه قد خرجوا فاستقبلهم نفر من أصحاب النبي ÷ فقال: انظروا كيف أَرُدُّ هَؤُلَاءِ السفهاء عنكم فذهب وأخذ بيد أبي بكر فقال: مرحبًا بالصديق وشيخ الإسلام، وسيد بني تميم، وثاني رسول اللَّه في الغار الباذل نفسه وماله، وذهب وأخذ بيد عمر، وقال: مرحبًا بالفاروق وسيد بني عدي، القوي في الدين، ثم أخذ بيد علي، وقال: مرحبًا بابن عم رسول اللَّه وختنه، وسيد بني هاشم ما خَلاَ رسول اللَّه، فقال علي: يا عبد اللَّه، اتق اللَّه ولا تنافق، فإن المنافقين في النار، وإنهم شر خلق اللَّه، فقال: مهلاً يا أبا الحسن ألي تقول هذا؟ واللَّه إن إيماننا كإيمانكم، وتفرقوا، فقال لأصحابه: كيف رأيتموني فعلت؟ فأثنوا