قوله تعالى: {سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم 1 هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا ياأولي الأبصار 2 ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار 3 ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب 4 ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين 5}
  · المعنى: «سَبَّحَ لِلَّهِ» أي: نَزَّهَهُ كل شيء بأن دل على توحيده وعدله، فكأنه ينطق بتنزيهه «مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ» القادر الذي لا يمتنع عليه شيء «الْحَكِيمُ» العالم بالأشياء، وقيل: المحكم لأفعاله «هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ» يعني بني النضير، كانوا بقرب المدينة «مِنْ دِيَارِهِمْ» حصونهم وأوطانهم، قَال ابن إسحاق: كان إجلاء بني النضير حين رجع رسول الله ÷ من أُحُدٍ، وفتح قريظة منصرفه من الأحزاب، وبينهما سنتان «لِأَوَّلِ الْحَشْرِ» أي: لأول الجمع للإخراج، قيل: أول حشر اليهود إلى أرض الشام، وثاني الحشر حشر الناس يوم القيامة إلى الشام أيضًا، عن ابن عباس، والزهري، وأبي علي، وجماعة. قال ابن عباس: قيل لهم: اخرجوا، قالوا: إلى أين؟ قيل: إلى أرض المحشر، وقيل: إنما قال (أول الحشر)؛ لأنهم أول من حشر من أهل الكتاب، ونفوا من الحجاز، ثم تبعهم إخوانهم من يهود خيبر وغيرهم، يعني أول من أخرج من بلاد العرب، ثم يخرج الباقون لئلا يجتمع في جزيرة العرب دينان، وقيل: هو أول الحشر من المدينة، والثاني من خيبر، وجمع جزيرة العرب في أيام عمر، عن مرة الهمداني. وقيل: هو أول الحشر إلى الشام، والثاني من المشرق إلى المغرب، وإنما ذكر الحشر؛ لأن الإخراج قد يكون مجتمعًا، وقد يكون متفرقًا، فهَؤُلَاءِ جمعوا، وأخرجوا «مَا ظَنَنْتُمْ» أيها المؤمنون أنهم يخرجون من ديارهم لشدتهم وشوكتهم وخصونهم «وَظَنُّوا» توهموا أنهم يقدرون على الامتناع بحصونهم، وأن حصونهم مانعتهم من الله ورسوله حيث حصنوها وهيئوا الآلات للحرب «فَأَتَاهُمُ اللَّهُ» يعني أتى اليهود أمر الله وعذابه «مِنْ حَيثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا» وقيل: خذلان الله أتاهم، فألقى الرعب في قلوبهم، وقيل: أراد به المسلمين، أي: أتاهم نصر الله من حيث لم