التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم 1 هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا ياأولي الأبصار 2 ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار 3 ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب 4 ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين 5}

صفحة 6841 - الجزء 9

  · الإعراب: (يُشَاقِّ) كسر القاف لاجتماع الساكنين.

  (دِيَارِهِمْ) وأصله: دِوَارِهِمْ؛ لأنه من الدور، إلا أن الواو صارت بين كسرة وألف، فقلبت ياء كالحِياض والسِّيَاط.

  · النزول: قيل: نزلت السورة في إجلاء بني النضير من اليهود، فمنهم من خرج إلى خيبر، ومنهم من خرج إلى الشام، عن مجاهد، وقتادة. وذلك أن بني النضير صالحوا رسول الله ÷، وعاهدوه، فلما كان يوم أُحُدٍ، ونال المسلمين ما نال، نقضوا العهد، وأتى رئيسهم كعب بن الأشرف مع أربعين فارسًا مكة، وعاقدوا مع أبي سفيان على أن يكونوا يدًا واحدة على محمد، وخرج رسول الله ÷ إليهم ليستعين بهم في دية الرجلين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري، فأجابوه وأجلسوه وهَمُّوا به، فأخبره جبريل، فانصرف عنهم، وأمر بقتل كعب بن الأشرف، فقتله محمد بن مسلمة وكان أخاه من الرضاعة، فلما أصبح أمر الناس بالمشي إلى بني النضير، وحاصرهم وحاربهم، وبعث إليهم عبد الله بن أبي والمنافقون أنهم ينصرونهم، فحاربوا رسول الله، فحاصرهم إحدى وعشرين ليلة، وألقى الله في قلوبهم الرعب، فسألوا أن يصالحهم على أن يحمل كل أهل ثلاثة بيوت على بعير ما شاؤوا، عن ابن عباس. وقيل: كل ثلاثة بعيرًا، عن الضحاك، وأخذوا يخربون بيوتهم، ثم خرجوا إلى الشام إلا آل حيي بن أخطب، وآل أبي الحقيق، فإنهم خرجوا إلى خيبر، وما بقي من أموالهم كان لرسول الله ÷، ففيهم نزلت هذه السورة.