قوله تعالى: {سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم 1 هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا ياأولي الأبصار 2 ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار 3 ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب 4 ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين 5}
  والأَسْر، وقيل: بعذاب الاستئصال، وكان الجلاء أصلح في التدبير، وكان أحدهما كالآخر في الصلاح «وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ» قيل: لأن أحدًا منهم لم يؤمن، وقيل: بشرط الإصرار وترك التوبة «ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ» يعني الجلاء منهم «شَاقُّوا اللَّهَ» أي: خالفوه وصاروا في شق بعيد من شق المؤمنين «وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ. مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ» قيل: أمر رسول الله ÷ بقطع نخيلهم، فقالت اليهود: زعمت يا محمد أنك تريد الصلاح، أفمن الصلاح قطع النخيل؟ واختلف المسلمون، فقطعوا بعضًا، وتركوا بعضًا، فصوَّبهم في الفعلين، وقيل: قالوا: دَعُوهُ فإنه لمن غلب، فتركه بعضهم. «مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ» قيل: كل نخلة سوى العجوة، عن ابن عباس، وقتادة. وقيل: هو أنواع النخل، عن مجاهد، وابن زيد، وأبي مسلم. وقيل: كرام النخل، عن سفيان. وقيل: هو النخل سمي بذلك للين ثمرتها، وقيل: ضرب من النخل، عن مقاتل. «أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا» سوقها فلم تقطعوها، ولم تقلعوها «فَبِإِذْنِ اللَّهِ» أي: بأمره «وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ» أي: يذلهم، فإن تفريق مال الأعداء، وتخريب بيوتهم يذلهم ويوهن أمرهم.
  · الأحكام: تدل الآيات على أن خروجهم لم يكن لقلة، ولكن بنصر الله، وإلقاء الرعب في قلوبهم.
  وتدل أن ما فعله عمر بن الخطاب ¥ من إجلاء أهل الكتاب من جزيرة العرب هو الذي يقتضيه الشرع والكتاب والسنة، فقد قال ÷: «لا يجمع في جزيرة العرب دينان».