قوله تعالى: {سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم 1 هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا ياأولي الأبصار 2 ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار 3 ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب 4 ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين 5}
  ويدل قوله: «فَاعْتَبِرُوا» على الحث على الاستدلال والعبرة، والتمسك به، والإيمان الموجب للنصرة، وترك المخافة الموجبة للنقمة.
  واستدل أبو العباس بن شريح بالآية على صحة القياس، إلا أن ما تقدم وما تأخر لا يليق بذلك.
  ويدل قوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ} أي: ما فعل بهم جزاء على أعمالهم.
  وتدل أن الجزاء يستحق بالعمل.
  وتدل أن الشقاق حادث من جهتهم، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في جزاء الأعمال والمخلوق.
  ويدل قوله: «مَا قَطَعْتُمْ» الآية، أن جميع ما فعلوه كان بأمره تعالى.
  وتدل أن قطع الشجر وتخريب البيوت مضارة للكفار مما يجوز في الشرع، وروي «أن النبي ÷ كان يأمر بقطع النخل إلا العجوة»، وعن جابر: العجوة من الجنة، وقال بعضهم: لذلك لم يقطع، وقال بعضهم: لم يقطع لمصلحة رآها، وهو أوجه.
  وتدل على أنه يجوز أن يجتهد اثنان، فيؤدي اجتهادهما إلى أمرين مختلفين، ويكون كل واحد منهما حقًّا وصوابًا؛ ألا ترى أن بعضهم اجتهد فقطع وذهب إلى أنه يوهن أمر الكفار ويغيظهم ويضارهم، فكان هذا وجهًا في الاجتهاد، واجتهد بعضهم فلم يقطع ظنًّا أنه يصير للمؤمنين في الحال أو في الثاني، فنزلت الآية بتصويب القولين؛ ليدل على أن كل مجتهد مصيب.
  وذكر أبو مسلم قال: روي أن رجلين من أصحاب رسول الله ÷ كان أحدهما