قوله تعالى: {وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير 6 ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب 7 للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون 8 والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون 9 والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم 10}
  اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى» واختلفوا في الفيء في الآيتين، فقيل: المراد بالأول ما فتح صلحًا، وبالثانية خمس الغنائم، عن أبي علي. وقيل: بل المراد بالأول الفيء، فبين في الآية الأولى أن حكم ذلك إلى الرسول يقسم كما يشاء؛ ولذلك كان ينفق على نفسه وعياله ووجوه البر والكراع وغير ذلك، ثم بَين في هذه الآية مصرف الفيء، ومن يجوز صرفه إليه، ومن دَفْعُهُ إليهم لا يجوز، والمراد بالآيتين ما فتحه صلحًا وصار فتح المسلمين بغير قتال، وقيل: المراد بالآية الأولى الفيء، وهو ما فَتَحْتَ صلحًا، وبالآية الثانية المراد به الغنيمة، وهو ما صار إلينا عنوة، وكانت في صدر الإسلام لهَؤُلَاءِ الأصناف، ثم نسخت بالآية في سورة (الأنفال) بالخمس، والباقي للمحاربين، عن قتادة. والصحيح أن الأول هو الفيء، والثاني خمس الغنيمة على ما قاله أبو علي؛ لأن فيه تكثير الفائدة من غير نسخ «فَلِلَّهِ» قيل: جميع الأشياء لله، فلا يختص بسهم، وذكر اسمه إما للتبرك والاستفتاح باسمه، أو لأن حكمها إليه يحكم فيها كما شاء، وقيل: بل السهم المضاف إليه يصرف إلى أعمال البر «وَلِلرَّسُولِ» قيل: أضاف إليه؛ لأن تدبيرها إليه، وقيل: كان له سهم سقط بموته، وقيل: بل يصرف إلى الخليفة، وقيل: إلى مصالح المسلمين «وَلِذِي الْقُرْبَى» يعني قرابة النبي ÷، ولا خلاف أنه كان له سهم، ثم اختلفوا، فقيل: لهم سهم ثابت استحقاقه بالفقر، عن أبي حنيفة. وقيل: كان لهم سهم في أيام الرسول لاهتمامه بشأنهم، سقط بموته، وقيل: كان استحقاقه بالنصرة في أيامه وبعده بالفقر، عن أبي بكر الرازي. وقيل: استحقاقه بالاسم يقسم كما تقسم المواريث، عن الشافعي. وقيل: يدفع إليهم، يستوي فيه الغني والفقير من كان منهم على نصرة الحق، عن الهادي. وإلى هذا أشار رسول الله ÷ لما أعطى بني هاشم وبني المطلب، ولم يعط بني أمية وبني نوفل، فجاء جبير بن مطعم وعثمان بن عفان، وقالا: لا ننكر نحن فضل بني هاشم لمكانك منهم، ولكن نحن وبنو المطلب كهاتين، فلم أعطيتهم وحرمتنا؟ فقال ÷: