التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون 11 لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون 12 لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون 13 لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون 14 كمثل الذين من قبلهم قريبا ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم 15}

صفحة 6858 - الجزء 9

  · الإعراب: نصب (وَبَالَ) بالذوق، و (قريبًا) نصب على الظرف.

  · النزول: قيل: بعث عبد الله بن أُبيٍّ جماعة من المنافقين إلى بني النضير أن يحصنوا حصنهم، ويحاربوا فإنا ننصركم، فأخبر الله تعالى نبيه، ÷ بذلك، وبيّن أنهم لا يفعلون ذلك، عن ابن عباس، ومجاهد.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى ما جرى من أسرار المنافقين مع الكفار من بني النضير، فقال - سبحانه -: «أَلَمْ تَرَ» تعجيب لرسوله من حالهم «إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ» يعني بني النضير الَّذِينَ غلبوا رسول الله ÷ وحاربوه، وبني قريظة «لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ» من دياركم «لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ» يعني لئن أخرجكم محمد عن دياركم بالغلبة لنخرجن معكم، أروهم بذلك أنهم يوافقونهم في حرب رسول الله ÷ «وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا» أي: لا نطيع رسول الله ولا المؤمنين إن أمرونا بخذلانكم «وَإِنْ قُوتِلْتُمْ» أي: قاتلكم محمد «لَنَنْصُرَنَّكُمْ» عليه «وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ» يعني المنافقين «لَكَاذِبُونَ» في هذا «لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ. لَأَنْتُمْ» يا معشر المسلمين «أَشَدُّ رَهْبَةً» أي: خوفًا «فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ» قيل: هذا تعجيب من حالهم حيث خافوا المؤمنين، ولم يخافوا اللَّه، وقيل: بل هو تذكير للنعمة عليهم بما ألقى في قلوبهم من الرعب من المسلمين، وقيل: لا يخافون عقاب الله ويخافون شوكة المسلمين «ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَفْقَهُونَ» أي: لا يعلمون عظمة الله وشدة عقابه، وقيل: لا يعلمون أنه ألقى الرعب في قلوبهم نصرة للمؤمنين «لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ» يعني اليهود لا يقاتلون المسلمين «إِلَّا فِي قُرًى