قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون 11 لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون 12 لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون 13 لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون 14 كمثل الذين من قبلهم قريبا ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم 15}
  مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ» قيل: لاختلاف قلوبهم، ولتشتت كلمتهم لا يجرؤون للبروز للحرب، فيقاتلون في مواضع حصينة وخلف جُدُرٍ «بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ» قيل: عداوة بعضهم لبعض شديدة، وقيل: شوكتهم وحربهم شديدة إذا هم في الحصون، فإذا خرجوا فهم أجبن خلق الله «تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى» أي: يحسب الناظر أنهم مجتمعون، وقلوبهم متفرقة، وقيل: بأسهم شديد ولكن قلوبهم متفرقة، وقيل: أهل الكتاب لمعاداة بعضهم بعضًا لا ينصرون الرسل، وقيل: قلوبهم شتى، أي: قلوب المنافقين وأهل الكتاب، عن مجاهد. وقيل: أهل الباطل مختلفة أهواؤهم مختلفة أعمالهم، وهم مجمعون على عداوة أهل الحق «ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ» أَمْرَ الله ووعده ووعيده ولا الحق «كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا» قيل: مشركو مكة «ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ» جزاء قتلهم يوم بدر، عن مجاهد. وقيل: الَّذِينَ من قبلهم بني قينقاع، عن ابن عباس. وذلك أن بني قينقاع نقضوا العهد فأمرهم رسول الله ÷ رَجْعَهُ من بدر أن يخرجوا، وقال عبد الله بن أُبيٍّ: لا تخرجوا إلا أدخل معكم الحصن أو آتي النبي فأكلمه فيكم، وكان هَؤُلَاءِ أيضًا في إرسال عبد الله إليهم ومخالفته وترك النصرة كأولئك، وقيل: مثل بني قريظة كمثل بني النضير، وكان بينهما سنتان، وليس بصحيح؛ لأنهم قتلوا، وقيل: أراد لمن ملك من الأمم السوالف، وليس بالوجه؛ لأنه قال: «قريبًا» والأقرب أنه بني قينقاع؛ لأنه قبل بني النضير بقريب، ولأنهم كانوا يهودًا مثلهم، ومعنى «قريبًا» أي: أنه لم يمهلهم بل أهلكهم عن قرب، عن أبي علي. فـ «ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ» أي: وخيم عاقبة فعلهم من العقاب «وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ».
  · الأحكام: تدل الآيات على أشياء:
  منها: على معجزة لرسول الله ÷ من حيث أخبرهم عن ضمائرهم وأسرارهم.