قوله تعالى: {كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين 16 فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين 17 ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون 18 ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون 19 لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون 20}
  · الإعراب: (خَالِدَيْنِ) نصب على الحال.
  · المعنى: ثم ضرب الله مثلاً للمنافق، فقال - سبحانه -: «كمَثَلِ الشيطَانِ» قيل: مثل المنافقين في وعدهم لبني النضير مثل الشيطان في وعده الإنسان بالغرور، فلما احتاج إليه أسلمه للهلاك، وقيل: كمثل الشيطان يوم بدر دعا إلى حرب رسول الله، فلما رأى الملائكة رجع القهقرى فقال: إني أخاف الله، ولا بد من محذوف، كأنه قيل: فلما كفروا استنصره قال: إني بريء منك، وقيل: أراد بالشيطان والإنسان الجنس لا المعهود، وإنه عام، فإنه أبدًا يدعوه إلى الكفر، ثم تبرأ منه عند الحاجة، عن مجاهد. وقيل: إنه في إنسان بعينه كان من الرهبان اسمه بَرْصِيصَا، فأغواه الشيطان بأن ينجيه من بَلِيَّةٍ وقع فيها، فقال له: اسجد لي سجدة واحدة، ففعل، ثم لما احتاج إليه أسلمه حتى قتل، عن ابن مسعود، وابن عباس. وفيه قصة طويلة لا يصح أكثرها، فتركت ذكرها؛ لأن فيه أن الشيطان غير الصور، وأزال العقل، وحمل إليه امرأة تداويه في كثير من الترهات، والذي لا نمنع من جوازه ما روي أن الراهب زنا بامرأة ثم قتلها، وظهر ذلك، فأخذوه وصلبوه. «إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ» للموحد: التوحيد ليس بشيء، والنبوة مخرقة، فيقبل منه، «فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ»
  ومتى قيل: كيف يقول: أخاف الله، وهو يدعوهم إلى الكفر؟
  قلنا: قيل: إنه يقولها تصنعًا وتعلقًا لا تحقيقًا.
  وقيل: يقولها يوم القيامة.
  وقيل: قاله يوم بدر حين رأى الملائكة.