التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب 212}

صفحة 853 - الجزء 1

  · اللغة: التزيين: التحسين للصورة، وهو من الزَّيْنِ خلاف الشَّيْنِ.

  والسخرية والاستهزاء من النظائر.

  والرزق: هو العطاء الجاري، وحده: ما لَهُ أن ينتفع به، وليس لغيره منعه.

  والحساب: العدد المحصور بالعقد كعشرة ومائة ونحوها.

  · الإعراب: يقال: لم قال: «زُيِّنَ»، ولم يقل زُيِّنَتْ؟ والحياة مؤنثة؟

  قلت: لأن تأنيث الحياة غير حقيقي من حيث لم يكن حيوانًا بإزائه ذَكَرٌ، نحو:

  رجل وامرأة، وجمل وناقة، وقيل: لأن الحياة والإحياء واحد، فإذا أنث فعلى اللفظ، وإذا ذكّر فعلى المعنى، نحو: {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ} وأخذت.

  جاء التنزيل بهما.

  · النزول: قال ابن عباس: نزلت في مشركي قريش أبي جهل وأصحابه، كانوا يتنعمون فيما أوتوا من نعم الدنيا، ويكذبون بالمعاد، ويسخرون من الَّذِينَ آمنوا كابن مسعود وعمار وبلال وخباب، ويقولون: لو كان محمد نبيًّا لاتبعه أشرافنا، وما يتبعه إلا الفقراء.

  وقال مقاتل: نزلت في المنافقين عبد الله بن أبيّ وأصحابه، يسخرون من ضعفاء المؤمنين، وفقراء المهاجرين.

  وقال عطاء: نزلت في رؤساء اليهود وعلمائهم من بني قريظة والنضير وبني قينقاع سخروا من فقراء المهاجرين، ولا مانع من نزولها في جميعهم.