التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم 12 ياأيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور 13}

صفحة 6889 - الجزء 9

  والتولي: أخذ بعضهم بعضًا وليًّا.

  واليأس: ضد الرجاء، وهو قطع الطمع على اليقين.

  · النزول: قيل: كان ناس من فقراء المؤمنين يخبرون اليهود بأخبار المسلمين ليصيبوا من خيرهم، فنهوا عن ذلك، ونزل قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا} الآية.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى حال النساء في البيعة، فقال - سبحانه -: «يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ» قيل: إذا جاءك من تريد إظهار الإيمان، وقيل: من صدقك بالشهادتين، وقيل: إذا جاءك من تريد أن تكون مؤمنة، تشرط عليهن ذلك في المستقبل «يُبَايِعْنَكَ».

  ومتى قيل: ما وجه بيعتهن، فلسن من أهل النصرة؟

  قلنا: أخذ العهد عليهن بما يصلح لشأنهن في الدين والأنفس والأزواج، وقد تكون قوة، وكل ذلك في صدر الإسلام، دليلاً ينفتق بهن فتق، وهذه البيعة كانت يوم فتح مكة لما فرغ من بيعة الرجال، وهو على الصفا، وعمر أسفل منه يبايع النساء بأمره، وقيل: كان عمر بحضرته، وقيل: بل كان بايع بالكلام، ما مس يدُه يدَ امرأة إلا امرأته، وقيل: كان يبايع بيده، وعليها ثوب، عن الشعبي. وقيل: كان عنده قدح ماء غمس يده فيه، ثم غَمَسْنَ أيديهن، عن عبد الله بن عمرو بن العاص. وقيل: كان هو يشرط على النساء، وعمر يصافحهن، عن الكلبي. وقيل: حضرت مجلس رسول الله ÷ للبيعة، وفيهن هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان متنقبة متنكرة