التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم 12 ياأيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور 13}

صفحة 6890 - الجزء 9

  خوفًا من رسول الله ÷، فلما قال: «عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا» قالت هند: إنك لتأخذ علينا أمرًا ما أخذته على الرجال، وكان يبايع الرجال على الإسلام والجهاد، فلما قال: «وعلى ألا يسرقن» قالت هند: إن أبا سفيان رجل شح، وإني أصبت من ماله، فقال أبو سفيان: جعلتك في حِلٍّ، فعرفها رسول الله ÷ وتبسم، وقال: «إنك لَهِنْد»، فقالت: نعم، فاعف عما سلف، فلما قال: «وَلَا يَزْنِينَ» قالت: أتزني حرة؟ قال: فلما قال: «وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ» قالت: ربيناهم صغارًا وقتلتَهُمْ كبارًا فأنتم وهم أعلم، وكان ابنها حنظلة بن أبي سفيان قتل يوم بدر، فضحك عمر، وتبسم رسول الله، ÷، فلما قال: «وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ» قالت: إن البهتان يقبح، وما أمرتنا إلا بمكارم الأخلاق. وذكر الأصم أنها قالت: أما إن لي ضرة فلا أدع البيت، فقال أبو سفيان: لا أتزوج عليها، فلما قال: «وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ» قالت: ما جلسنا مجلسنا هذا، وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء، فأقر النسوة بما أخذ عليهن «عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا» يعني لا يصفن الله بالشريك ولا يعبدن غيره معه «وَلاَ يَسْرِقْنَ» هو أخذ مال الغير في خفية «وَلاَ يَزْنِينَ» هو الوطء من غير عقد «وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ» قيل: هو ما كانت العرب عليه من دفن البنات وهي الموءودة، وقيل: لا يمنعن الرضاع والحضائن في وقت الحاجة، وقيل: هو قتل الأولاد في الأرحام «وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ» يعني لا يأتين بكذب في مولود وجد بين أيديهن وأرجلهن، قال ابن عباس: لا يلحقن بأزواجهن غير أولادهن، وقيل: هو السِّحْر، وهو السعي بالنميمة فذلك بين أرجلهن وما يعمل باليد مما يوهم، عن أبي مسلم. وقيل: كانت المرأة تلتقط الولد، وتقول لزوجها: هذا ولدي منك، فذلك البهتان المفَتَرى، عن الفراء. وقيل: المراد لا يقذف بعضهن بعضًا، وقيل: أراد بالبهتان ما نهى عنه من جميع ما يتعلق به من إلحاق ولد بالزوج ليس منه، أو سعي بالنميمة، أو قذف المحصنات، والكذب على الناس، وقيل: الخيانة للزوج