التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب 212}

صفحة 855 - الجزء 1

  الأول: أن رزقه تعالى على ضربين؛ مُستَحَق على عمل، فذلك بقدر الاستحقاق، وحسابه لا يجوز غير ذلك، وتفضل منه، وذلك «بِغَيرِ حِسَابٍ» يريد ما يشاء، عن أبي علي.

  الثاني: «بِغَيرِ حِسابٍ» من جملة الملك، كالجزء من كذا؛ لأنه لا نهاية لمقدوره، فلا يجوز أن ينقص بما يؤخذ منه، نبه بذلك على سعة المقدور، عن الحسن.

  الثالث: «بِغَيرِ حِسَابٍ» الكفاية بل يزيد على الكفاية، كأنه قيل: من غير تضييق.

  الرابع: «بِغَيرِ حِسَابٍ»: بغير حد؛ لأنه دائم لا نهاية له، عن القاضي وغيره.

  الخامس: من غير خوف حساب عليه، يعني. فيما يعطيهم، ولا اعتراض لم أعطيت هذا؟.

  السادس: بغير حساب يعني كثيرًا؛ لأن ما دخله الحساب فهو قليل، وقيل: بغير حساب الأعمال بل أضعاف مضاعفة. و {عَطَاَءً حِسَابًا} فقيل: بقدر الاستحقاق، وقيل: يتشابه في كل وقت.

  · الأحكام: تدل الآية على أن اللَّه تعالى أنعم على الكافر بنعم الدنيا، وفيه تنبيه على ترك الاغترار بالدنيا وزهرتها، وتنبيه على أن حال المتقي في الآخرة هي المغبوط؛ لما له من النعيم الدائم، وإن منعوا الدنيا مصلحة لهم؛ لأن الآخرة هي دار القرار، والدنيا زائلة.