التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم 1 ياأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون 2 كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون 3 إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص 4 وإذ قال موسى لقومه ياقوم لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين 5}

صفحة 6895 - الجزء 9

  وقيل: نزلت في المنافقين، وسماهم بالإيمان على ظاهر الإقرار، ومثله يجوز في التوبيخ، عن الحسن.

  وقيل: نزلت في المنافقين وَعَدُوا المؤمنين بالنصر وكذبوا، عن ابن زيد.

  وقيل: نزلت في قوم قالوا: لو علمنا أحب الأعمال إلى الله لبذلنا فيها أنفسنا وأموالنا، فأمروا بالجهاد وابتلوا يوم أحد حتى شج وجه رسول الله ÷ وكسرت رباعيته، ففيهم نزلت الآية، عن مقاتل، والكلبي.

  وقيل: لما أخبر الله تعالى رسوله بثواب شهداء الله ببدر، قالت الصحابة: لئن لقينا بعده قتالاً لَنُفْرِغَنَّ فيه وُسْعَنَا، ثم فروا يوم أحد، فعيَّرهم الله بهذه الآية، عن محمد بن كعب.

  · المعنى: «سَبَّحَ لِلَّهِ» أي: نزه إما قولاً واعتقادًا، وإما دلالة «مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ» يدل بجميع ذلك على وحدانيته وكونه قادرًا، عالمًا، حيًا، سميعًا، بصيرا، حكيمًا، عدلاً، فلا شيء يُنْظَرُ إليه إلا ويعرف به، عن أبي علي، وأبي مسلم. وقيل: التسبيح من المكلفين: تنزيهه عما لا يليق به، ومن الجماد على وجهين:

  أحدهما: الدلالة على تنزيهه.

  والثاني: إذعانها لما يريد إنفاذه فيها، وخضوع كل شيء لقدرته.

  ومتى قيل: التسبيح الأول حقيقة، والثاني مجاز، فكيف يراد بلفظ واحد؟

  قلنا: أما عند شيخنا أبي علي والقاضي، فيجوز؛ لأنه لا تنافي بينهما، وبين