قوله تعالى: {سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم 1 ياأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون 2 كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون 3 إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص 4 وإذ قال موسى لقومه ياقوم لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين 5}
  ثم ذكر حديث موسى في صدق نيته وعزيمته، وتسلية للنبي، ÷ في تكذيبهم إياه، فقال - سبحانه -: «وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي» قيل: الإيذاء هو تلونهم في الأحوال، وقيل: رَمْيُهُ بالأُدْرَةِ، وقيل: رَمْيُهُ بقتل هارون «وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيكُمْ»؛ لأن الإيذاء مع العلم بكونه رسولاً أعظم «فَلَمَّا زَاغُوا» أي: مالوا عن الحق والاستقامة «أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ» قيل: جازاهم على زيغهم بالغرق والعذاب، فسمى عقوبة الزيغ زيغًا، وهذا هو الأوجه؛ لأنه حذرهم عن مثل الَّذِينَ نزل فيهم، وقيل: خلاهم وسوء اختيارهم، ومنعهم الألطاف التي بها يهدي قلوب المؤمنين كقوله: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[التغابن: ١١] عن أبي مسلم. وقيل: أزاغ الله قلوبهم بالحكم بأنها زائغة، عن الحسن. وقيل: أزاغ قلوبهم عن ثواب الإيمان، عن أبي علي. وهذا يقرب من الأول، وقيل: قلوبهم قلوب الخوارج، عن أبي أمامة. ولا يحمل على أنه أزاغ قلوبهم عن الدين؛ لأنه تعالى لا يفعل ذلك، ولأنه فعل ذلك جزاء على زيغهم، ولأنه أمر بالإيمان فلا يمنع منه «وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ» قيل: لا يهديهم إلى جنته ورحمته، عن أبي علي. وقيل: لا يحكم بهدايتهم، وقيل: يخليهم واختيارهم ولا يفعل بهم الألطاف، كما يفعل بالمؤمنين، عن أبي مسلم.
  · الأحكام: تدل الآيات على أشياء:
  منها: ذم من يقول ولا يفعل.
  ومنها: وجوب الوفاء بالنذر.
  ومنها: أنه يريد جهاد الأعداء؛ لأنه يحثهم بجهادهم، فلا بد أن يجب جهادهم، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ: أنه يريد من بعضهم القعود وترك الجهاد.