التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذ قال عيسى ابن مريم يابني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين 6 ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لا يهدي القوم الظالمين 7 يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون 8 هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون 9}

صفحة 6902 - الجزء 9

  أحدهما: أن يأتي كما في التوراة.

  والثاني: أن يصدقه بأنه حق، والمحرف ليس بتوراة، فلا يعترض به على ما قلناه.

  وتدل على أنه # بَشَّرَ بنبينا ÷.

  ومتى قيل: فالنصارى كيف يجوز عليهم إنكار ما أعلمهم به نبيهم # في أمر النبي ÷ وكتمانه مع كثرتهم، وإذا جاز ذلك عليهم جاز إنكار النص الذي تدعيه الإمامية على أمير المؤمنين وكتمانه؟

  قلنا: النصارى لا ينكرون بعثة نبي اسمه أحمد، إنما يقولون: ليس هو نبينا، ولكن يكون من بني إسرائيل، ولأنه يجوز أن يكون قاله لبعضهم ممن يجوز عليه الكتمان، فمن أين لكم أنه قاله لسائرهم، ولأن النصارى ليس لهم سلف كثير؛ لأنهم كثروا بعد عيسى بزمان.

  فأما ما تدَّعيه الإمامية من النص الذي علموه ضرورة، فإنه لو جاز كتمان مثله لجاز لليهود ادعاء معارضة القرآن وكتموه، ولجاز في كثير من الشرائع، وفي هذا هدم للإسلام، وأيضًا فإن عندهم هذا النص كان أمرًا أعلنه وأظهره حتى اضطروا إلى معرفته، وهذا لا يجوز أن ينكتم كما لا يجوز أن يقال: بين بغداد والكوفة بلد أعظم منهما لم ينقل، وأيضًا فإن الداعي إلى نقله كان عظيمًا؛ لحاجة الناس إلى الإمام، وما جرى في موطن بعد موطن من ذكر البيعة، ثم لم ينقل أحد منهم النص، ولا قالوا عند الاختلاف أين أنتم عن هذا النص؟

  وتدل أن (أحمد) كان من أسمائه ÷.

  وتدل أنه لا ظلم أعظم من الكذب على الله، فلهذا قلنا: أعظم الذنوب التشبيه والجبر.