التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم 10 تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون 11 يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم 12 وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين 13 ياأيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين 14}

صفحة 6907 - الجزء 9

  الله، ولحمزة: أسد الله، وقيل: أنصارُ اللهِ: أولياؤُهُ ونبيه «كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ» لينصر بثباتهم، وقيل: كانوا صيادين السمك، عن ابن عباس.

  وقيل: كانوا قصارين، عن الضحاك. وقيل: الحواري خاصة الأنبياء؛ لأنهم خلصوا من كل عيب، عن الزجاج. «مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ» قيل: مع الله، عن الحسن. كأنه قيل: إلى نصر اللَّه، كقولهم: «الذَّوْدُ إلى الذود إِبِلٌ»؛ أي مع الذود، وقيل: معناه من يضيف نصرته إلى نصرة الله، وقيل: من أنصاري إلى الله على ما يبلغني إليه، وإلى مرضاته، تقديره: إلى طلب رضا الله، وقيل: (إلى) بمعنى اللام، أي: من أنصاري لوجه الله، وإعزاز دينه، وقيل: أراد أن يكونوا يدًا واحدة يتناصرون، «قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا» أي: قوينا وأعنا «الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ» وهم الكفار «فَأَصْبَحُوا ظَاهِرينَ» أي: غالبين قاهرين، قيل: أيدنا محمدًا ومن تبعه فأصبحوا ظاهرين، وقيل: بل أيدنا من كان في زمانهم على مَنْ كَفَرَ بعيسى، عن مجاهد.

  · الأحكام: تدل الآيات على أشياء:

  منها: أن أهم الأمور الإيمان.

  ومنها: عظم محل الجهاد.

  ومنها: أن الغفران يحصل بهذه الخصال، خلاف قول المرجئة.

  ومنها: أن الإيمان والجهاد فِعْلُ العبد، وكذلك الكفر.

  ومنها: أنه يجمع للمؤمنين بين النصر والفتح والثواب الدائم، فيحصل لهم المسرة في الدارين، وفي ذلك حث على الطاعات.