التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم 213}

صفحة 857 - الجزء 1

  نبيئًا؛ لأنه يخبر عن اللَّه تعالى. فأما ترك الهمز فهو الاختيار؛ لأنه لغة قريش وأهل الحجاز، وروي أن رجلا قال: يا نبيء اللَّه بالهمز، فقال: «لست بنبيء الله، إنما أنا نبي اللَّه» بترك الهمز، وأنكر الهمز، ثم اختلفوا فقيل: أخذ من النباوة، وهي ما ارتفع من الأرض، فالنبي ÷ هو الرفيع الشأن، العالي القدر، وأصله نَبِيْوٌ، فلما اجتمعت الياء والواو، والسابق ساكن أبدلت الواو ياء، وأدغمت الياء الأولى فيها، وقيل: سُمِّي نبيًّا لبيان أمره، ووضوح خبره، أخذ من النبي، وهو عندهم الطريق، قال الشاعر:

  فأصْبَحَ رثْمًا دُقَاق الحَصَى ... مكان النَّبِي من الكاثِبِ

  والبشارة: الخبر السار الذي يظهر في البشرة.

  والإنذار: التخويف.

  · الإعراب: «بغيًا بينهم» نصب لأنه مفعول، والعامل فيه الاختلاف، كأنه قيل: وما اختلف فيه إلا الَّذِينَ أوتوه بغيًا، وتقديره: للبغي بينهم، واختلفوا، عن الأخفش والزجاج، وقيل: الاستثناء متعلق بثلاثة أشياء، وتقديره: وما اختلف فيه إلا الَّذِينَ أوتوه، وما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم، وما اختلفوا إلا بغيًا بينهم، إلا أنه حذف الثاني لدلالة الأول عليه.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى أحوال من تقدم من الكفار تسلية للنبي ÷ فقال تعالى: «كَانَ