قوله تعالى: {يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم 1 هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين 2 وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم 3 ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم 4 مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين 5}
  الحق وذهاب عن الدين ظاهر «وَآخَرِينَ» قيل: ويعلم آخرين «منْهُمْ» من المؤمنين، قيل: كل مَنْ بَعْدَ الصحابة، عن مجاهد، وابن زيد، وقيل: هم العجم، عن ابن عمر، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وقيل: التابعون، عن مقاتل، وعكرمة، وقيل: جميع من يدخل في الإسلام إلى يوم القيامة، عن ابن زيد، وروي: أن النبي ÷ قرأ هذه الآية، فقيل: من هَؤُلَاءِ؟ فوضع يده على سلمان، وقال: «لو كان الإيمان في الثريا لناله رجالٌ من هَؤُلَاءِ».
  «لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ» أي: لم يلحقوا بالعرب، وقيل: لم يلحقوا في الحال، وسيلحقون فيما بعد «وَهُوَ الْعَزِيزُ» القادر على البعثة «الْحَكِيمُ» يضع الرسالة موضعها «مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا» يعني اليهود، قيل: كلفوا العمل بالتوراة، فلم يعملوا بها، وخالفوا، فمثلهم في الإقرار بها وترك العمل بما فيها «كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا» قيل: كتبًا، عن ابن عباس [وقال] فسواء حمل على ظهره أو جحده: إذا لم يعمل به ولا ينتفع به. وقيل: كان في التوراة البشارة بمحمد ÷ فأنكروا، فكان حظهم منها كحظ الحمار، وقيل: كما لا ينتفع الحمار بحمل الكتب، بل يستضر كذلك هَؤُلَاءِ لما لم ينتفعوا استضروا بلزوم الحجة عليهم «بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ» أي: بئس القوم قومٌ هذا مَثَلُهُمْ، أي: شبههم.
  ثم وصف القوم، فقال تعالى: «الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ» قيل: لا يثيبهم ولا يهديهم إلى رحمته، وقيل: لا يحكم بهدايتهم، وقيل:
  لا يفعل بهم من الألطاف ما يفعله بالمؤمنين الَّذِينَ عندها يهتدون، وإنما خص الحمار؛ لأن المثل يُضْرَبُ به في قلة الفهم.
  · الأحكام: تدل الآيات على أنه ÷ كان أميًّا لا يكتب، وذلك أبلغ في إعجازه.
  وتدل على أنهم قبل البعثة كانوا في ضلال، ولو كان خلق الضلال فيهم لما صح ذمهم، ولما اختلف حال البعثة وقبله.