التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم 1 هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين 2 وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم 3 ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم 4 مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين 5}

صفحة 6919 - الجزء 10

  · المعنى: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} أي: ينزهه كل شيء، ويشهد له بالوحدانية والربوبية بما ركب فيها من التدابير العجيبة، والصنع البديع، الدال على أنه قادر، عالم، حي، سميع، بصير، لا يشبه شيئًا، وأنه حكيم، وإنما قال مرة: «سبح» ومرة «يسبح» إشارة إلى دوام تنزيهه في الماضي والمستقبل، «الْمَلِكِ» القادر على تصريف الأشياء، «الْقُدُّوسِ» المنزه عن المثل والشبه والأفعال القبيحة، وقيل: من حقه أن يُقَدَّسَ، فلا يضاف إليه قبيح «الْعَزِيزِ» القادر الذي لا يمتنع عليه شيء «الْحَكِيمِ» قيل: العالم، وقيل: الذي يضع الأشياء مواضِعَها، محكم أفعاله، «هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ» قيل: العرب، عن مجاهد، وقتادة؛ لأنهم كانوا لا يحسنون الكتابة إلا نادرًا، وقيل: أول من كتب الخط إدريس # «رَسُولاً مِنْهُمْ» يعني محمدًا ÷، فإنه منهم نسبًا، وقيل: أراد أنهم لم يكونوا أهل كتاب، فلما جاءهم خرجوا عن هذه الصفة، والأول الوجه.

  ومتى قيل: لماذا مَنَّ عليهم بكون الرسول منهم؟

  قلنا: لأنه شرفهم بأن بعث منهم رسولاً، ولأنهم يكونون إليه أَمْيَلَ، وبأحواله أعلم.

  «يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ» أي: يقرأ عليهم القرآن المشتمل على الحجج والأحكام «وَيُزَكِّيهِمْ» أي: يطهرهم بالدعاء إلى ما لو أجابوا لصاروا أزكياء، وقيل: يحكم بتزكيتهم، وقيل: ليطهرهم من دنس الشرك «وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ» قيل: الكتاب القرآن، والحكمة: الشرائع، وقيل: الحكمة التوحيد والعدل، وقيل: الفقة والسنة، ويحمل على الجميع، فيعلمهم الكتاب وجميع ما يجب عليهم من أصول الدين وفروعه «وِإنْ كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ» أي: قبل بعثه له كانوا في ضلال عن