قوله تعالى: {يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير 1 هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير 2 خلق السماوات والأرض بالحق وصوركم فأحسن صوركم وإليه المصير 3 يعلم ما في السماوات والأرض ويعلم ما تسرون وما تعلنون والله عليم بذات الصدور 4 ألم يأتكم نبأ الذين كفروا من قبل فذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم 5}
  وحكي عن الحسن (ومنكم منافق) إلا أن المنافق داخل في قوله: {فَمِنْكُمْ كَافِرٌ} والأوجه ما قاله أبو علي؛ لأنه تعالى بين حال فريقين ولم ينف ثالثًا.
  ومتى قيل: هلا حملتم على أنه خلقه كافرا؟
  قلنا: بينا في ذلك ما يليق بهذا الموضع، ولأن الظاهر لا يقتضيه، فلا تعلق للقوم بذلك، ونظير ذلك قوله: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ٣}[الإنسان: ٣].
  ومتى قيل: هلا قلتم: إنه يكون في بطن أمه كافرًا أو مؤمنًا كما ورد في الخبر؟
  قلنا: لأنه ليس بمكلف ولا عاقل، فلا يليق به هذا الوصف.
  ومتى قيل: إذا كان المعلوم من حاله ذلك حكم عليه به؟
  قلنا: فقل في المعدومات: إن في بعضها طافرًا وبعضها مؤمنا؛ ولأن هذه أسماء مشتقة من أفعال لا تجري عليهم إلا بعد وجودها كاسم الضرب ونحوه.
  ومتى قيل: أليس روي عن النبي، ÷: «الشقي من شقي في بطن أمه، والسعيد من سعد في بطن أمه»؟
  قلنا: هذا خبر واحد، وروي: «السعيد من سعد بعمله، والشقي من شقي بعمله»، وإن ثبت فمعناه: أنه إذا كان المعلوم من حاله أنه يعصي أو يطيع إذا بلغ، فذلك يعلم من حاله في بطن أمه، فيحمل على هذا ليوافق الكتاب والسنة وأدلة العقول.
  ويدل قوله: «بِالْحَقِّ» أنه خلق الأشياء لغرض صحيح وللحق، بخلاف قول الْمُجْبِرَة.
  ويدل قوله: {وَبَالَ أَمْرِهِمْ} أن العقوبات جزاء الأعمال.