التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير 1 هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير 2 خلق السماوات والأرض بالحق وصوركم فأحسن صوركم وإليه المصير 3 يعلم ما في السماوات والأرض ويعلم ما تسرون وما تعلنون والله عليم بذات الصدور 4 ألم يأتكم نبأ الذين كفروا من قبل فذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم 5}

صفحة 6952 - الجزء 10

  من الآيات والآثار، ولأنه كان يقول كافرًا ومؤمنًا بالنصب، فلما كان بالرفع علمنا أن المراد ما ذكرنا «وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» أي: عالم بأعمال الجميع فيجازيهم بذلك «خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ» أي للحق والطاعة، وقيل: قصد به الحق وأراده، وقيل: للثواب، وقيل: بحسب المصلحة فكان حقًّا. «وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ» قيل: أحسنها من حيث الحكمة، ومن حيث قبول العقل لا قبول الطبع؛ لأن فيها من ليس بهذه الصفة، وقيل: أحسن صوركم من حيث قبول الطبع؛ لأن ذلك هو المفهوم من حسن الصور كقوله: {خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}⁣[التين: ٤].

  «وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ» أي: إلى حُكْمِهِ المرجع، فأحسنوا العمل «يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ» أي: ما يخفيه بعضكم إلى بعض، أو يخفيه في صدوه «وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ» يعني بما في القلوب والضمائر «أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ» خبر «الَّذِينَ كفَرُوا مِنْ قَبْلُ» من الأمم وأصروا على الكفر «فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ» أي: وخيم عاقبة فعلهم، وثقل أمرهم مما نالهم من العذاب «وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» موجع، قال أبو مسلم: وجدوا غِبَّ أمرهم في الكفر، فوجدوه غير موافق لهم، بل وجدوه مكروهًا عليهم بما حل بهم في الدنيا «وَلَهُمْ» بعد ذلك «عَذَابٌ أَلِيمٌ».

  · الأحكام: ظاهر قوله: {فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} يوجب أن ذلك فعلُهم؛ لأنه أضاف ذلك إليهم؛ ولذلك عقبه بقوله: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}، وقد بَيَّنَّا طرفًا من الكلام فيه.

  ومتى قيل: فأين الفاسق؟

  قلنا: هو مسكوت عنه، وإنما الغرض ذكر الطرفين.

  وقيل: فحذوف (ومنكم فاسق)، عن الحسن.

  وقيل: ليس فيه نفي ثالث، عن أبي علي.

  وقيل: أراد فمنكم جاحد، ومنكم مقر، عن الأصم، ولا ثالث لهذين.