قوله تعالى: {ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد 6 زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير 7 فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبير 8 يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفر عنه سيئاته ويدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم 9 والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير 10}
  · الإعراب: «يَومَ» قيل: نصب على الظرف، أي: يبعثون يوم، وقيل: نصب على الإغراء، أي: اذكروا يوم، أو عليكم يوم يجمعكم فاستعدوا له.
  قوله: {بِأَنَّهُ كَانَتْ} قيل: الهاء عماد، وقيل: كناية عن الثبات.
  · المعنى: لما تقدم ما نزل بالأمم، بين الوجه الذي لأجله استحقوا العذاب، فقال سبحانه: «ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ» أي: ذلك العذاب نزل بهم لأجل أن الرسل أتتهم «بِالْبَيِّنَاتِ» والحجج والمعجزات فأنكروا «فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا» يعني أبشر مثلنا نتبعه ليهدينا «فَكَفَرُوا» جحدوا «وَتَوَلَّوْا» أعرضوا عنهم وعما جاءوا به «وَاسْتَغْنَى اللَّهُ» أي: هو غني. عنهم وعن عبادتهم، وإنما كلفهم لنفعهم «وَاللَّهُ غَنِيٌّ» لا تجوز عليه الحاجة «حَمِيدٌ» قيل: محمود، وقيل: من حقه أن يحمد لإنعامه عليهم مع كفرهم. «زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَنْ يُبْعَثُوا» بعد الموت أحياء «قُلْ» يا محمد «بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ» ذكر القسم تأكيدًا للبعث «ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ» قيل: لتخبرن بأن يعرض عليهم مكتوبًا في الكتب، وقيل تُجَازُنَّ بذلك «بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ» أي: سهل عليه بعث جميع الخلق في طرفة عين «فَآمِنُوا» أيها المكذبون بالبعث «بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا» قيل: هو القرآن؛ لأنه ينور أمر الدين، وبه يهتدى «وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ» عالم بأعمالكم فيجازيكم بحسبها «يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ» قيل: يجمعكم من القبور ليوم القيامة، أي: يميتكم جميعًا، وقيل: يجمعكم في يوم الجمع يوم القيامة لاجتماع الخلائق فيه «ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ» قيل: غبن أهل الجنة أهل النار، عن قتادة، ومجاهد، وقيل: غبن أهل النار؛ لما نالهم من العذاب بإيثارهم الدنيا الفانية، والغبن: فوت الشيء الخطير ببدل حقير.
  وروى أبو هريرة عن النبي ÷ في تفسيرها: «ما من عبد مؤمن يدخل الجنة إلا