التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد 6 زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير 7 فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبير 8 يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفر عنه سيئاته ويدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم 9 والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير 10}

صفحة 6956 - الجزء 10

  أُرِيَ مقعده من النار لو أساء؛ ليزداد شكرًا، وما من عبد يدخل النار إلا أُرِيَ مقعده من الجنة لو أحسن؛ ليزداد حسرة».

  وقيل: يغبن أهل الجنة بعضهم بعضًا في زيادة الدرجات.

  «وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ» أي: معاصيه «وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا [أَبَدًا]» أي: يدوم لبثهم، ويدوم نعيمهم «ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» أى: الظفر بالمطلوب، والنجاة من المحذور «وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا» بالحجج والقرآن «أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ» المرجع.

  · الأحكام: يدل قوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُ} أن العقاب يستحق على المعاصي، وأن المعاصي فعلُهم.

  ويدل قوله: {أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا} أن القوم عجزوا عند ظهور المعجزة، فعدلوا إلى ما ليس بحجة؛ لأن الرسالة لا تتعلق بالجنس، وإنما تتعلق بالمصلحة.

  ويدل قوله: {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ} أن جميع الخلق يحشر يوم القيامة، لذلك سمي يوم الجمع، وسمي التغابن لعظم ما يجري من الغبن ذلك اليوم على أهل النار، ولا غبن أعظم من أن يفوته ثواب الجنان، ويدخل النار.

  وتدل على أن أفعال العباد حادثة من جهتهم؛ إذ لو كان خلقًا للَّه لما صح التغابن، كالهيئات والصور، عن أبي على.