قوله تعالى: {ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم 11 وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين 12 الله لا إله إلا هو وعلى الله فليتوكل المؤمنون 13 ياأيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم 14 إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم 15 فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون 16 إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم 17 عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم 18}
  مُصِيبَةٍ» قيل: الآلام والأمراض، والقحط والجدب، والموت ونحوها مما هو من جهته تعالى «إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ» أي: بأمره، وهذا تَوَسُّعٌ والمراد أنه يفعله ويخلقه، وقيل: المراد جميع ما يناله من الضرر وإن كان ظلمًا قبيحًا، «إلا بإذن الله»: إلا بعلمه، وقيل: بتخليته، عن أبي مسلم. فكأنه لما تقدم ذكر الكفر بين أنه يعلمه فيجازي بذلك من يؤمن بِاللَّهِ، وقيل: يصدق به ويرضى بقضائه «يَهْدِ قَلْبَهُ» ليعلم أن المصيبة بإذن الله، عن ابن عباس، وسئل علقمة عن ذلك فقال: هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله تعالى ويرضى ويسلم. ولا شبهة أن الكفر لا يجب الرضا به، دل أنه ليس من قضائه. وقيل: من يؤمن بِاللَّهِ فيصبر عند نزول المصائب، ويرضى بقضائه يهد قلبه بلطفه حتى ينشرح، ويثبت على ما هو عليه، وقيل: يهد قلبه إلى نيل ثوابه، وقيل: يهد قلبه فيعرف معايب الدنيا، فلا يجزع عند البلاء، وقيل: هو الذي إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا ظُلِمَ غَفَرَ، وإذا أصابته مصيبة استرجع، فيهدي قلبه عند النعمة للشكر، وعند البلاء للصبر والرضا، عن مجاهد. وقيل: من يؤمن بِاللَّهِ تعالى بفعل الفرائض يهد قلبه لفعل السُّنَّة «وَاللَّهُ بكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» فيجازي كل إنسان بعمله «وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيتُمْ» أَي: أعرضتم عن ذلك «فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ» أي: ليس عليه إلا تبليغ الرسالة، وقد فعل، والمبين: البين الظاهر.
  «اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّل الْمُؤْمِنُونَ» والتوكل: تفويض الأمر إليه، والثقة بتدبيره، والرضا بتقديره. «يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ» (مِنْ) للتبعيض؛ لأن بعضهم بهذه الصفة، وقوله: «عَدُوًّا لَكُمْ» قيل: في دينكم «فَاحْذَرُوهُمْ» فيه، وقيل: تحملكم على معصية اللَّه، وتمنعكم عن طاعته، فذلك عداوتهم، وقيل: عداوتهم أنهم يتمنون موته، فيرثون ماله «فَاحْذَرُوهُمْ» أن تقبلوا منهم «وَإنْ تَعْفُوا» تتركوا عقابهم «وَتَصْفَحُوا» تجاوزوا عنهم «وَتَغْفِرُوا» تستروا ما سبق منهم إن عادوا إلى الحالة الجميلة، وقيل: (إن تعفوا وتصفحوا) عمن ظلمكم فإن الله يغفر بذلك كثيرًا من ذنوبكم، عن أبي علي، وقيل: إن قومًا من المهاجرين قالوا