التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى 6 لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا 7 وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا 8 فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا 9 أعد الله لهم عذابا شديدا فاتقوا الله ياأولي الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا 10 رسولا ...}.

صفحة 6975 - الجزء 10

  · اللغة: الإسكان: أن يسكنه موضعًا، يقال: أسكنت داره، وأصله من السكون.

  والمضارة: المضايقة والمزاحمة، وهو إلحاق الضرر بكل واحد منهما، ومنه:

  الضرورة، وهي الاندفاع إلى أضيق الحالات.

  والأمر في القول: قول القائل لمن دونه: افعل، إذا أراد المأمور به، والأمر في القول حقيقة، وفي الفعل مجاز، يقال: أمره مستقيم؛ لأن التصرف والاشتقاق منه في القول، وكذلك الاطراد، والائتمار بأن يأمر كل واحد منهما صاحبه، وأن يفعل ما أمر به، ائتمرت: فعلت ما أُمِرْتُ به، وَائتُمرْتُ أيضًا إذا فعلت أمرًا من تلقاء نفسك، والإِمْرُ بكسر الهمز: العجب.

  وأُولَاتِ حَمْلٍ: جمع، واحده: ذات حمل، جمع من غير لفظه، كقولهم: رجل ذو مال، ورجال أولو مال.

  والتعاسر: التمانع بما يتعذر به الأمر، وأصله من العسر نقيض اليسر، والعسر: صعوبة الأمر، واليسر: سهولته، وهو إتيانه من غير مشقة.

  والعتو: مجازوة الحد في ركوب المعصية، ومنه: العاتي، المبالغ في العصيان، لا ينجع فيه الوعظ.

  النكر بضم النون: المنكر، وبفتحها: الدهاء، ونكرت الشيء وأنكرته فهو منكور ومنكر، والناكرة: المُحَارِبَةُ.

  والوبال: ثقل الشيء المكروه، ماءٌ وبيلٌ، وطعامٌ وبيلٌ، والوبال: وخامة عاقبة الأمر.

  · الإعراب: {أُولَاتِ حَمْلٍ} نصب (أُولَاتِ) لأنه خبر {كُنَّ} إلا أن التاء زائدة.

  وفي نصب قوله: {رَسُولًا} قيل: بدل من الذكر، والذكر القرآن كأنه قيل: رسولاً يذكر، وقيل: الذكر بمعنى الشرف فيكون الذكر هو الرسول، وقيل: محذوف؛ أي: وأرسل رسولاً.