قوله تعالى: {أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى 6 لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا 7 وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا 8 فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا 9 أعد الله لهم عذابا شديدا فاتقوا الله ياأولي الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا 10 رسولا ...}.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ الله تعالى حال المطلقة في النفقة والسكنى فقال سبحانه: «أَسْكِنُوهُنَّ» أي: أسكنوا المطلقة بعد الطلاق ما دامت في العدة في بيوتكم «مِنْ حَيثُ سَكَنتُمْ» أي: حيث سكنتم من المساكن، قيل: (مِنْ) صلة، عن الكسائي. «مِن وُجْدِكُمْ» قيل: من الوجدان، أي: في مسكن تجدونه، عن الحسن وأبي علي؛ لأن المطلقة تعتد في منزل زوجها، وقيل: «مِن وُجْدِكُمْ» من ملككم وما تقدرون عليه، عن أبي مسلم، وقيل: من سعتكم، والوجد والجدة الغنى والسعة «وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ» قيل: لا تضايقوهن في السكنى حتى يتعذر عليهن ما لا بد منه من الصلاة والطهارة، والغسل والنوم، عن أبي مسلم، وقيل: في النفقة والسكنى ما دامت في العدة، عن أبي علي، وقيل: بتطويل العدة وسوء العشرة، ومعنى (لاَ تُضَارُّوهُنَّ) أي: لا تلحقوا بهن ضررًا، أو لا تؤذوهن «وَإنْ كُنَّ أُولاَتِ حَمْلٍ» أي: كن حوامل «فَأَنفِقُوا عَلَيهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ» بين نفقة الحامل المعتدة، وهو ينفق عليها، وإنما اختلفوا في المبتوتة لمن النفقة؟ فقال أبو حنيفة: للحامل؛ ولذلك يعتبر بكفايتها وهي تطالب بها، وقال الشافعي: للحمل، وهذا غير صحيح؛ لأنه قال: ««فَأَنفِقُوا عَلَيهِنَّ» ولو كان الولد قِنًّا فالنفقة على الزوج دون المولى «حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ» لأن العدة تنقضي بوضع الحمل «فَإنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ» يعني أرضعت المطلقة بعد انقضاء العدة أولادكم «فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ» أَي: أعطوهن أجرة الرضاع على الولد لا على المرأة، وحق الإرضاع عليه بعد ما بانت منه «وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ» خطاب للرجل والمرأة، قيل: معناه: ليقبل بعضكم من بعض إذا أمره بمعروف، وقيل: ليأمر كل واحد صاحبه بمعروف، وقيل: هموا بالمعروف، عن الفراء. والمؤتمر الذي يهم بالأمر لفعله، يقال: بئس ما ائتمرت لنفسك، وقال الكسائي: أي شاوروا، ومنه: {يَأْتَمِرُونَ بِكَ}[القصص: ٢٠] أي: يتشاورون، ائتمر القوم وتآمروا: إذا شاور بعضهم بعضًا، وقيل: الخطاب عام، أي: ليأمر بعضكم بعضًا بما هو المعروف، عن أبي علي، أبي مسلم. والمعروف ما عرف صحته عقلاً أو شْرعًا.
  «وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ» أي: في الرضاع بأن تطلب أكثر مِنْ أُجْرَتِهَا، أو يأبى الزوج أن