التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم 1 قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم 2 وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير 3 إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير 4 عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا 5}

صفحة 6989 - الجزء 10

  [ببعض ما قال لها فلم يخبرها بقولها أجمع]، عرف حفصة بعضه «وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ» وهو حديث الخلافة، عن مقاتل، فأما التشديد: عَرَّفَ النبي حفصة ببعض ذلك الحديث وأخبرها به، وأعرض عن بعض ولم يخبرها به، قال الحسن: ما استقصى كريم قط، قال مقاتل: أخبرها ببعض ما قالت عائشة، ولم يخبرها بقولها أجمع. «فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ» أي: أخبر رسول الله ÷ حفصة، أي: بما أظهره الله، و «قَالَتْ» حفصة «مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا»؛ أي: من أخبرك به؟ «قَالَ» رسول الله ÷ «نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ» بالأشياء «الْخَبِيرُ» بالسرائر، وإنما قالت: من أنبأك هذا؛ لأنها وثقت بعائشة أنها لا تخبر، فقالت متعجبة: من أخبرك بهذا؟ «إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ» والتوبة: الندم على ما فات والعزم على ترك العود إلى أمثالها، لقبح ذلك، خالصة لله تعالى، والخطاب لعائشة وحفصة «فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا» أي: مالت وزاغت إلى الإثم واستوجبتما التوبة، عن ابن عباس، ومجاهد، والضحاك، وهما عائشة وحفصة، عن عمر وسائر أهل التأويل، وقيل: مالت قلوبكما إلى ما كرهه رسول الله ÷ من تحريم ما حرمه، عن ابن زيد، وقيل: مالت قلوبكما عن الاستقامة لفرط الغيرة، وقيل: جواب «إِن تَتُوبَا» محذوف تقديره: إن تتوبا من العود إلى إفشاء سره فتوبا فقد استوجبتما التوبة، وقيل: إن تتوبا يقبل الله توبتكما، وقيل: مالت قلوبكما إلى إفشاء سره وإظهاره، عن أبي علي. «وَإن تَظَاهَرَا عَلَيهِ» تعاونا، يعني عائشة وحفصة تظاهرا على رسول الله ÷ في إيذائه «فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ» ناصره «وَجِبْرِيلُ» ناصره «وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ» قيل: خيار المومنين، عن الضحاك، وقيل: الأنبياء، عن قتادة، وقيل: أبو بكر، عن المسيب بن شريك، وقيل: عمر، عن سعيد بن جبير؛ لأنه عاتب حفصة، وقيل: أبو بكر وعمر، عن عكرمة، والأصم، وروي عن ابن مسعود أن النبي ÷ سئل عن ذلك فقال: «إن صالح المؤمنين أبو بكر وعمر»، وكانا عَنَّفَا عائشة وحفصة وعاتباهما على ما فعلتا، وكانا أبويهما فخصهما بالذكر، وقيل: هو علي بن أبي طالب #، رواه علي عن النبي ÷، ورواية أسماء بنت عميس عن النبي ÷، وقيل: هم المخلصون دون المنافقين، عن الكلبي. «وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ» أي: معين «عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ