قوله تعالى: {ياأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم 1 قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم 2 وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير 3 إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير 4 عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا 5}
  أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ» قيل: في حسن العشرة والخدمة وطاعة الرسول، وقيل: في الفضل في الدين «مُسْلِمَاتٍ» أي: مطيعات منقادات «مُؤْمِنَاتٍ» قيل: مصدقات للَّه ورسوله، وقيل: مؤمنات مستحقات للثواب والتعظيم، وقيل: مسلمات ومؤمنات، يعني ذكرهما مدحًا لهن «قَانِتَاتٍ» قيل: عابدات، وقيل: خاضعات لله تعالى «تَائِبَاتٍ» قيل: راجعات إلى الله تعالى في أمورهن، وقيل: نادمات على تقصير وقع منهن «عَابِدَاتٍ» أي: عابدات لله تعالى بالفرائض والسنن بالإخلاص «سَائِحَاتٍ» قيل: ماضيات في طاعة الله، وقيل: صائمات، عن ابن عباسٍ، وقتادة، والضحاك، وقيل: مهاجرات، عن ابن زيد وأبيه زيد بن أسلم. «ثَيِّبَاتٍ» التي كان لهن أزواج «وَأَبْكَارًا» أي: لم يكن لهن أزواج، وهذا إخبار عن القدرة لا عن الكون؛ لأنه علم أنه لا يطلقهن، فنظيره: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ}[محمد: ٣٨]؛ لأنه ليس في الوجود من هو خير من أصحاب محمد، ÷.
  ومتى قيل: فَلِمَ قال: {خَيْرًا مِنْكُنَّ}؟
  قلنا: لم يكن في النساء مثلهن، ولكن لو دُمْنَ على إيذائه وفارقهن، وخلق الله شيئًا على الصفة المذكورة كن خيرًا منهن، فالمراد به القدرة لا نفس الوجود، وقيل: أراد خيرًا منهن في العشرة والنفع للنبي ÷، وقيل: في الفضل فيما يرجع إلى أحوال الدنيا.
  · الأحكام: يدل قوله: {لِمَ تُحَرِّمُ} على أشياء:
  منها: أنه لا يجوز تحريم ما أحل الله.
  ومنها: أنه لا يجوز ترك شيء من أمر الله لرضا غيره؛ إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
  ومنها: وقوع صغيرة منه؛ لذلك عاتبه، وعقب بقوله: {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} و لأن الظاهر أنه حرم شيئًا حلالاً.