التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم 1 قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم 2 وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير 3 إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير 4 عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا 5}

صفحة 6991 - الجزء 10

  ومنها: ما يدل أن تحريم الحلال يتعلق به حكم، وهو متفق عليه، فإذا قال لامرأته: أنت عليَّ حرام، اختلف العلماء فيه، فقيل: هو يمين، عن ابن مسعود، وابن عباس، وعطاء، وأبي بكر أنه يمين تكفر، وقيل: هي ثلاث تطليقات، وهو قول مالك، ومنهم من قال: تطليقة بائنة، ومنهم من قال: كناية وينوي، ومنهم من قال: هو ظهار، وعلى قول أبي حنيفة ينوي إن نوى الظهار فهو ظهار، وإن نوى إيلاء كان إيلاء، وإن نوى الطلاق كان طلاقًا بائنًا، وإن نوى ثلاثًا كان ثلاثًا، وإن نوى ثنتين فواحدة بائنة، وإن لم يكن له نية فهي يمين، وقال الشافعي: إن نوى الطلاق كان طلاقًا، وإن نوى الظهار كان ظهارًا، وإن لم يكن له نية لزمه كفارة يمين في أحد قوليه، وفي قول آخر: لا يلزمه شيء، وإن نوى التحريم ففيه كفارة يمين.

  ويدل قوله: {إِنْ تَتُوبَا} على وقوع معصية منهما؛ لذلك أمر بالتوبة؛ ولذلك قال: {صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}.

  ويدل قوله: {عَسَى} الآية أن تظاهرهما يؤثر في حالهما.

  ويدل قوله: {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ} أن النبي ÷ محفوظ مرفوع عنه جميع المكاره.

  قال أبو علي |: ويدل قوله: {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ} أن المولى لا يفيد الإمامة، على ما تزعمه الإمامية، وإنما يريد الحياطة والمعونة.

  وتدل أن التظاهر وضعف القلب فعلُهما، وكذلك ما وصف به الأزواج من خصال المدح.